الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ آنَآءَ ٱللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } * { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـٰئِكَ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

ثم أخبر عن الفرق بين الفريقين والتفاوت بين الطريقين بقوله تعالى: { لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } [آل عمران: 113]، والإشارة في الآيات: إن الله تعالى فرق بين العلماء الربانيين وعلماء السوء المداهنين، قال تعالى: { لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } [آل عمران: 113]؛ يعني: من العلماء منهم { أُمَّةٌ } [آل عمران: 113]؛ أي: فرقة { قَآئِمَةٌ } [آل عمران: 113] بالله، { يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ } [آل عمران: 113]، يتبعون آياته { آنَآءَ ٱللَّيْلِ } [آل عمران: 113]؛ ليريهم الله آياتهفِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } [فصلت: 53]، { وَهُمْ يَسْجُدُونَ } [آل عمران: 113]، ينقادون لأحكامه الأزلية وتقديراته الإلهية { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } [آل عمران: 114]، إيمان الطلب، وتصديق قضائه في الأزل، ووفور قدره إلى الأبد، { وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } [آل عمران: 114]؛ أي: يطلبون الحق، { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } [آل عمران: 114]؛ أي: طلب ما سوى الله، { وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } [آل عمران: 114]؛ أي: فيما يوصلهم إلى الله، { وَأُوْلَـٰئِكَ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } [آل عمران: 114]، الذين يصلحون لقبول الفيض الإلهي { وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ } [آل عمران: 115]، تتقربون به إلى الله تعالى { فَلَنْ يُكْفَروهُ } [آل عمران: 115] بل تشكروه، فإن تقربتم إليه شبراً تقرب إليكم ذراعاً، وإن تقربتم إليه ذراعاً تقرب إليكم باعاً، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } [آل عمران: 115]، { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } [آل عمران: 116]، الذين يتقون به عما سواه، وعليم بالفاسقين الذين كفروا بنعمته، واستغنوا بالأموال والأولاد شيئاً ما تنفعهم في إصابة اللطف إليهم ودفع القهر عنهم { وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } [آل عمران: 116]؛ يعني: نار القطيعة، { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [آل عمران: 116]؛ يعني: لا يفارقونها؛ لأنهم صحبوها بالقلوب والأرواح لاستيفاء شهوات النفس والأشباح.

ثم أخبر عن نفقات أهل الشهوات بقوله تعالى: { مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } [آل عمران: 117]، إشارة في الآيات: إن الله تعالى ضرب مثل ما ينفقون في هذه الدنيا؛ أي: استيفاء اللذات النفسانية، وتمتعات الشهوات الحيوانية، وانتفاع الحظوظ الدنيوية: كمثل ريح فيها صر بالاتفاق في تحصيل المرادات النفسانية، { فَأَهْلَكَتْهُ } [آل عمران: 117]؛ أي: الريح التي فيها صر الشهوات النفسانية أهلكت حروث الروحاني وآثاره، { وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ } [آل عمران: 117] في الخلقة، إذا أعطاهم حسن الاستعداد الروحاني وآثاره، { وَمَا ظَلَمَهُمُ } [آل عمران: 117]، { وَلَـٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [آل عمران: 117]، بإبطال استعداد الروحاني وإهلاك ريع حرثه.