الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } * { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } * { وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ }

{ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ } [القصص: 79] يُشير إلى أن قارون النفس مهما خرج على قومه أي: بني إسرائيل صفات القلب في إظهار مازُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ } [آل: عمران: 14] واستعماله في الصورة يفرز من تلك المعاملات ظلمات مسودة وجوه الصفات القلبية وتكدر صفوها وتقلب أحوالها وتغير طبعها حتى تتصف بصفات النفس، وتتبدل إرادة الآخرة بإرادة الدنيا وشهواتها إلى أن { قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ } [القصص: 79] النفس، { إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } [القصص: 79] من نعيم الدنيا وزينتها وإنما وقع نظرهم على عظمة الدنيا وزينتها مع دناءتها وخستها وهوانها وقلة متاعها؛ لأنه اعتل بعلة سب حب الدنيا وزينتها المولد من تراكم شهوات ظلمات صفات النفس بعضها فوق بعض فهم ينظرون بنظر ظلمات صفات النفس بعد أن كانوا ينظرون بنظر نور صفات القلب ويبصرون عزة الآخرة وعظمتها وخسة الدنيا وهوانها، فإن الرضاع يغير الطباع.

وبقوله: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } [القصص: 80] يشير إلى صفات الروح الباقية على حالها غير متصفة بصفات النفس إذ قالوا: { وَيْلَكُمْ } [القصص: 80] لصفات القلب المتغيرة توبيخاً لهم { ثَوَابُ ٱللَّهِ } [القصص: 80] أي: ما يجازي الله من القربات والوصلات من دون الجنة { خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ } بوحدانية الله تعالى { وَعَمِلَ صَالِحاً } للوصول إلى الوحدة { وَلاَ يُلَقَّاهَآ } المرتبة { إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } [القصص: 80] عن الدنيا وزينتها والآخرة ونعيمها والصابرون على مخالفات النفس وموافقات الشريعة على قانون الطريق إلى الوصول بعالم الحقيقة.

وبقوله: { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } [القصص: 81] يشير إلى أن حاصل قارون النفس إذا بغى على موسى القلب وصفاته وخرج عن المتابعة وعن زينة الحياة الدنيا واستيفاء لذاتها وشهواتها ومتابعاً لهواه أن يخسف به الأرض أرض دركات السفل وأسفل سافلين النار ثم يخسف بداره وداره قالبه والأرض أرض جهنم فها خالدين أبدّاً.