الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } * { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } * { وَقِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ } * { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ }

ثم أخبر عن الفرق بين العاقل وبين الغافل بقوله تعالى: { أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً } [القصص: 61] والإشارة في تحقيق الآيات بقوله تعالى: { أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ } [القصص: 61] يشير إلى ما وعد لعوام المؤمنين وهو الجنة ولخواصهم وهو الرؤية ولأخص خواصهم وهو الوصول والوجدان. كما قال: " ألا من طلبني وجدني ".

وأوحى إلى عيسى عليه السلام: تجوع تراني تجرد تصل إلي { كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ } الفانية { ٱلدُّنْيَا } التي يبدل طعوم عسلها سموم حنظلها، وليس من أكرم بوجدان مولاه كمن مني بالوقوع في الجحيم في عقباه بإزاء شهوة ساعة وجدها في دنياه { ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } مع الشياطين { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ } ربهم وهو عليهم غضبان: { فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } [القصص: 74] أنهم شركاؤهم تعبدونهم كما تعبدونني أهم يخلقون كما أخلق؟ أم هم يرزقونكم كما رزقتكم؟ أم هم ينصرونكم اليوم ويخلصونكم من قهري وعذابي؟ { قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } [القصص: 63] في الأزل بأن يكونوا من أهل النار والمراد وبين يدل قوله تعالى:وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [السجدة: 13] { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ } بتقديرك { كَمَا غَوَيْنَا } بما قضيت لنا ولهم الغواية والضلالة مساكين بنو آدم إنهم من خصوصيةوَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ } [الإسراء: 70] يحفظون الأدب مع الله في أقصى البعد كما يتأدبون الأولياء على بساط أقصى القرب ولا يقولون أغويناهم كما أغويتنا كما قال إبليس صريحاً ولم يحفظ الأدب قال:قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ } [الأعراف: 16] ومن يحفظ الأدب يقولون ربنا { تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ } منهم: { مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } تبرؤا منهم ومن عبادتهم إياهم ندامة على ما جرى عليهم بتقدير الله بلا جهدهم وقصدهم وإبليس من أعوان نكرانه عاند الحق تعالى وتكبر على من كرمه وشرفه بقوله: لما خلقت سيدي وقال:أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ } [ص: 76] وحقره وقال:لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ } [الحجر: 33] من طين واعترض على الحق تعالى وقال:خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } [ص: 76] وأبى واستكبر وما ندم عما صدر منه ولم يقل أنا أتبرأ مما فعلت وأسجد لآدم الآن وبقوله: { وَقِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ } [القصص: 64] يشير إلى أنكم أشركتم من دعوتهم فلم يستجيبوا لكم وأعرضتم عن توحيدي وأنا قلت لكمٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر: 60] بل كنت أنزل كل ليلة من غاية الكرم والرحمة إلى السماء الدنيا مع تنزهي عن نزول وصعود هو من شأن المخلوقين وصفاتهم وأنادي: هل من داع فاستجيب له وهل من تائب فأتوب عليه، فما كنتم من الداعين لي ولا من التائبين إليَّ.

السابقالتالي
2