الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ } * { فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ } * { فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } * { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }

ثم أخبر عن حال السعداء والأشقياء بقوله تعالى: { ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا } [المؤمنون: 45] { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } [المؤمنون: 46] يشير إلى أن إرسال موسى الروح وأخيه هارون القلب { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } النفس { وَمَلَئِهِ } صفاتها بما يستدل بها على وحدانيته وهو العقل والإيمان { فَٱسْتَكْبَرُواْ } أي: تمردوا على استعمال العقل في قبول الإيمان ولم يعتبروا بهما ولم يستدلوا { وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ } أي: طالبين العلو والغلبة والاستيلاء على الروح والقلب، فنظروا إليهما بنظر معلوم بالوهم والخيال وحقروهما.

{ فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ } [المؤمنون: 47] أي نستسلم { لِبَشَرَيْنِ } مخلوقين { مِثْلِنَا } في الخلقية { وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ } أي: في أوان الولادة وحالة الطفولة كانت صفات الروح وصفات القلب مسخرة لفرعون النفس وتربيتها وتربية صفاتها لاستكمال القالب وقواه إلى حد البلوغ وليستعدوا حمل أعباء التكاليف الشرعية { فَكَذَّبُوهُمَا } ولم يقبلوا دعوتهما إلى الحق { فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ } بعبادة الهوى وطلب الدنيا وشهواتها.

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ } [المؤمنون: 49] أي: ألهمنا موسى الروح إلهامات ربانية { لَعَلَّهُمْ } النفس وصفاتها بها { يَهْتَدُونَ } إلى الحق تعالى وطلبه.

وبقوله تعالى: { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً } [المؤمنون: 50] يشير إلى عيسى الروح الذي تولد من أمر كن بلا أب من عالم الأسباب، وهو أعظم آيات الله المخلوقة التي تدل على ذات الله معرفة؛ لأنه خليفة الله وروح منه { وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ } القالب، فإنه مأوى الروح الآمر بالأوامر والنواهي { ذَاتِ قَرَارٍ } أي: هو منزلهما ودار قرارهما يعني ما دام القالب يكون مأوى الروح فالروح تكون مأوى الأمر ومقره بألا يسقط عنه التكاليف { وَمَعِينٍ } وأما المعين فهو عين الحال الجارية في القلب على اللسان.