{ قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي } [المؤمنون: 26] على تسخيرهم وتأديبهم { بِمَا كَذَّبُونِ * فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ } [المؤمنون: 27] أي: ألهمنا إلى نوح الروح { أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ } [المؤمنون: 27] أي: فلك الشريعة { بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا } أي: باستصواب نظرنا وأمرنا لا بنظر عقولكم، وأمر هواكم، كما يعمل الفلاسفة والبراهمة { فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا } [المؤمنون: 27] بجذبات العناية { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } [المؤمنون: 27] تنور قلوبكم بماء الحكمة { فَٱسْلُكْ فِيهَا } [المؤمنون: 27] أي: في فلك الشريعة للعبور على بحر الحقيقة { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } [المؤمنون: 27] من الصفات النفسانية والشيطانية؛ لأن السالك يحتاج إليها في سلوك الطريق إلى الله تعالى قوله تعالى: { زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } يشير إلى قدر يسير منها إذا كانت مغلوبة لا تمرد فيها، وفي شرح الاحتياج بها طول { وَأَهْلَكَ } أي الصفات الإنسانية الروحانية { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ } وهي النفس الأمارة بالسوء { وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } [المؤمنون: 27] أي: من الصفات الذميمة { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } [المؤمنون: 27] أي: النفس الأمارة وصفاتها الذميمة، دعهم مغرقون في بحر الرياضة والمجاهدة فلا سبيل لهم إلى الخلاص منها إلا بقدر ما ذكرنا من زوجين اثنين { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ } يا نوح الروح في سفينة الشريعة { أَنتَ وَمَن مَّعَكَ } من القلب والسر. { عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [المؤمنون: 28] أي: من النفس وصفاتها الذميمة بالالتجاء إلى سفينة الشريعة، { وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً } [المؤمنون: 29] وهو مقعد الصدق [المؤمنون: 29]، { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } بأنك لا تنزل وفدك إلا بأعلى مراتب قربك { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } [المؤمنون: 30] أي: الذي ذكرناه من الحقائق والدقائق { لآيَاتٍ } دلالات إلى الحضرة { وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } أرباب الصورة بالمعاني الظاهرة لئلا يطلع على هذه الحقائق إلا أهلها.