الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } * { فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } * { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } * { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ }

{ قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي } [المؤمنون: 26] على تسخيرهم وتأديبهم { بِمَا كَذَّبُونِ * فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ } [المؤمنون: 27] أي: ألهمنا إلى نوح الروح { أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ } [المؤمنون: 27] أي: فلك الشريعة { بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا } أي: باستصواب نظرنا وأمرنا لا بنظر عقولكم، وأمر هواكم، كما يعمل الفلاسفة والبراهمة { فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا } [المؤمنون: 27] بجذبات العناية { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } [المؤمنون: 27] تنور قلوبكم بماء الحكمة { فَٱسْلُكْ فِيهَا } [المؤمنون: 27] أي: في فلك الشريعة للعبور على بحر الحقيقة { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } [المؤمنون: 27] من الصفات النفسانية والشيطانية؛ لأن السالك يحتاج إليها في سلوك الطريق إلى الله تعالى قوله تعالى: { زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } يشير إلى قدر يسير منها إذا كانت مغلوبة لا تمرد فيها، وفي شرح الاحتياج بها طول { وَأَهْلَكَ } أي الصفات الإنسانية الروحانية { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ } وهي النفس الأمارة بالسوء { وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } [المؤمنون: 27] أي: من الصفات الذميمة { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } [المؤمنون: 27] أي: النفس الأمارة وصفاتها الذميمة، دعهم مغرقون في بحر الرياضة والمجاهدة فلا سبيل لهم إلى الخلاص منها إلا بقدر ما ذكرنا من زوجين اثنين { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ } يا نوح الروح في سفينة الشريعة { أَنتَ وَمَن مَّعَكَ } من القلب والسر.

{ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [المؤمنون: 28] أي: من النفس وصفاتها الذميمة بالالتجاء إلى سفينة الشريعة، { وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً } [المؤمنون: 29] وهو مقعد الصدق [المؤمنون: 29]، { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } بأنك لا تنزل وفدك إلا بأعلى مراتب قربك { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } [المؤمنون: 30] أي: الذي ذكرناه من الحقائق والدقائق { لآيَاتٍ } دلالات إلى الحضرة { وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } أرباب الصورة بالمعاني الظاهرة لئلا يطلع على هذه الحقائق إلا أهلها.