الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱللَّيْلِ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ ٱلْبَاطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } * { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ }

وبقوله تعالى: { ذٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ } [الحج: 60] أي: غلبت النفس على القلب باستيلائها وغلبات صفاتها، ويرجع القلب منظراً إلى الله تعالى في قهر النفس وصفاتها { لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ } [الحج: 60] يعفو عن زلات بعض الطالبين؛ ليصف حالهم { غَفُورٌ } [الحج: 60] ستر على عيوب بعض الصادقين؛ لبقايا صفات نفوسهم.

{ ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ } [الحج: 61] أي: هذا بأن الله { يُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ } [الحج: 61] أي: ليل الستر على نهار التجلي. { ٱلنَّهَارَ فِي ٱللَّيْلِ } [الحج: 61] أي: نهار التجلي في ليل الستر لبعضهم يولج ليل القبض في نهار البسط، ولبعضهم يولج نهار الأنس في ليل الهيبة، ومنهم من يدوم نهاره ولا يدخلها عليهم ليلة وذلك لأهل الأنس { وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } [الحج: 61] يسمع تضرع المشتاقين { بَصِيرٌ } [الحج: 61] يرى حرقة الواصلين { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ } [الحج: 62] يحقق أماني الصادقين، ويبطل دعاوى الكاذبين { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ } [الحج: 62] من دون الله؛ أي: يطلبون ما سواه { هُوَ ٱلْبَاطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ } [الحج: 62] أي: أعلى من أن وجده الطالبون { ٱلْكَبِيرُ } [الحج: 62] العظيم الذي لا يدرك الواصلون نهايته { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } [الحج: 63] من سماء القلب ماء الحكمة { فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً } [الحج: 63] أي: أرض البشرية بخضرة الشريعة، وأرض القلوب بخضرة الأسرار، وأرض الأرواح بخضرة الكشوف، وأرض الأسرار بخضرة الأنوار.

{ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [الحج: 63-64] أي: ما في سماوات القلب مواهبه وما في الأرض؛ أي: أرض البشرية مراحمه { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِيُّ } [الحج: 64] لا ينقص غناه من مواهبه { ٱلْحَمِيدُ } [الحج: 64] في ذاته مستغن عن حمد الحامدين.