الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } * { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ } * { إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ } * { أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } * { إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يٰمُوسَىٰ } * { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } * { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي } * { ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ }

ثم أخبر عن إيتاء سؤاله وإعطاء مأموله بقوله تعالى: { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ } [طه: 36] إلى قوله: { أَوْ يَخْشَىٰ } [طه: 44] { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } [طه: 36] يشير إلى أن سؤالك أعطيت قبل سؤالك بالتقدير الأزلي وسابقة العناية لا بالتدبير العملي ولاحقة الكفاية { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ } [طه: 37] في الأزل { إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ } [طه: 38] أي: إذ جعلناها قابلة مستعدة للوحي بتبعيتك إذ كان التقدير على أنها تكن صدق در وجودك ووصالك.

{ أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ } [طه: 36] به يشير إلى أن من خصوصية انشراح الصدر بنور الوحي: أن يقذف في قلبه قذف الولد في تابوت التوكل، وقذفه في بحر التسليم ويفوض أمره إلى الله { فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ } [طه: 39] ساحل إرادة الله ومشيئته على وفق قضائه وقدره { يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ } [طه: 39] أي: دعه حتى يأخذه العدو فإني قادر على تربية الولي في بحر القدر، وتقيه من شره بإلقاء محبة منه عليه كما قال: { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي } [طه: 39] أي: محبته ومحبتي ليحبك لمحبتي من أحبني بالتحقيق، ويحبك عدوي وعدوك بالتقليد، كما أن آسية أحبته بحب الله على التحقيق وفرعون أحبه لمَّا ألقى الله عليه محبته بالتقليد، ولمَّا كانت محبة فرعون فسدت وبطلت بادئ حركة رآها من موسى عليه السلام، ولمَّا كانت محبة آسية بالتحقيق بقيت عليها، ولم تتغير، وهكذا يكون إرادة أهل التقليد تفسد بأدنى حركة، ولا تكون على وفق طبع المريد المقلد، ولا تفسد إرادة المريد المحقق بأكبر حركة يخالف طبعه وهواه وهو مستسلم في جميع الأحوال.

وبقوله: { وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } [طه: 39] يشير إلى أن من أدركته العناية الأزلية يكون في جميع حالاته منظور بنظر العناية لا يجري عليه أمر من أمور الدنيا والآخرة ألا يكون فيه صلاح وتربية إلى أن يبلغ درجة ومقاماً قد قدر له قوله: { إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ } [طه: 40] ورده إلى أمه من تأثير العناية { فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها } [طه: 40] بتوكلها على الله في شأن الولد وتسليمه إلى الله { وَلاَ تَحْزَنَ } [طه: 40] على ترك رعاية مصلحته إذا ألقته في اليم وهو معرَّض للهلاك والتلف، وبالتوكل { وَقَتَلْتَ نَفْساً } [طه: 40] وإذ قتلت القبطي بغير أمرنا، وكنت في غم وجوب القصاص عليك وغم مؤاخذتنا إياك بما فعلت.

{ فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ } [طه: 40] بأن خلصناك من القصاص وعفونا عنك { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } [طه: 40]:

* منها: فتنة صحبتك مع فرعون وتربيتك مع قومه فحفظناك عن التدين بدينهم.

السابقالتالي
2