الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ } * { فَقُلْنَا يآءَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } * { إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ } * { وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ } * { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ قَالَ يٰآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } * { فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } * { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ } * { قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ } * { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ } * { قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } * { قَالَ كَذٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ } * { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ } * { أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } * { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } * { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ }

ثم أخبر عن كرم الكريم ولؤم اللئيم بقوله: { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ } [طه: 116] إلى قوله: { لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } [طه: 130] ولهذا قال:إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً } [البقرة: 30]، ولهذا السر اصطفاه على العالمين فاستحق السجود لهم اصطفاء واجتباء؛ ومنها لأنه خلق خلقاً تاماً كاملاً في خلقه؛ وذلك لأن الله تعالى جعله مجمع بحري عالمي الخلق والأمر والملك والملكوت والدنيا والآخرة فما خلق شيئاَ في عالم الخلق والدنيا إلا، وقد جعل في قالبه أنموذجاً منه، وما خلق شيئاً في عالم الأمر والآخرة إلا التي جاءت من الله تعالى { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ } [طه: 127] أي: عذاب القلوب أشد من العذاب في الأبدان وأبقى وأدوم؛ لأن عذاب الأبدان يفنى وعذاب القلوب يبقى.

{ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ } [طه: 128] أي: فلم يسيروا بمدة خذلانهم وتركناهم إلى طبيعتهم الخبيثة من القرون الماضية. { يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ } [طه: 128] أي: يقصدون عالم السفل بالطبع. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ } [طه: 128] دلالات واعتبارات { لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } [طه: 128] لمن نُهي بجذبة كلمة كن في الأزل إلى الأبد على وفق الحكمة الإلهية والإرادة الأزلية بما هو كائن في كل وقت وأوان بلا مانع ولا مقدم لما أخره ولا مؤخر لما قدمه، فكان ما كان بحيث لم يكن بعده للنقص إليه سبيل { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } [طه: 130] أهل الاعتراض والإنكار؛ لأنك محتاج في التربية إلى ذلك لتبلغ به إلى مقام الصبر بقوله تعالى: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } [طه: 130] يشير إلى أنك كما ذكرت ربك بالحمد والثناء قبل أن تطلع شمس تجلي صفات ربوبيته إلى أن طلعت اذكره بالعبودية على شهود الحق قبل أن تغرب، ولئن غرب غروب الرحمة والشفقة لئلا ينلها شيء لوجودك بسطوات التجلي إذا دامت { وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ } [طه: 130] أي: ليل الستر.

{ فَسَبِّحْ } [طه: 130] فاذكر، { وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ } [طه: 130] أي: نهار التجلي؛ أي: اذكره في كل حالاتك في حالة الستر وحالة التجلي؛ لتكون مذكوراً له ومشكوراًوَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } [طه: 131].