الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ } * { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } * { وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } * { فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ فَهِيَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

{ قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا } [البقرة: 69] يعني: لون بقرة نفس تصلح للذبح في الجهاد { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا } [البقرة: 69] يعني: صفرة زين لا صفرة شين كما هي سيما الصالحين { تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ } [البقرة: 69]، من نظر إليها يشاهدها في غرتهم، قد ألبست من آثر الطاعات ويطالع من طلعتهم أثار شواهدسِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ } [الفتح: 29] وقوله عليه صلى الله عليه وسلم: " أولياء الله الذين إذا رؤوا ذكر الله ".

{ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا } [البقرة: 70]، إشارة إلى كثرة تشبه الباطلين بزي الطالبين وكسوتهم وهيئاتهم { وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ } [البقرة: 70]، إلى الصادق منهم فالاهتداء يتعلق بمشيئة الله تعالى وبدلالته، كما كان حال موسى والخضر - عليهما السلام - فلو لم يدل الله موسى عليه السلام لما وجده قوله تعالى: { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ } [البقرة: 71]، إشارة إلى نفس الطالب الصادق التي لا تحتمل الذلة بأن تثير بآلة الحرص أرض الدنيا بطلب زخارفها، وتتبع هوى النفس وشهواتها، كما قال صلى الله عليه وسلم: " عز من قنع وذل من طمع " وقال: " ليس للمؤمن أن يذل نفسه ".

{ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ } [البقرة: 71]، حرث الدنيا بماء وجهه عند الخلق وعند الحق، كقوله تعالى:وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [الشورى: 20] { مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا } [البقرة: 71] أي: نفس مسلمة من آفات صفاتها مستسلمة لأحكام ربها ليس فيها غير الله ولا مقصد لها إلا الله، كما وصفهم الله تعالى بقوله:لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [البقرة: 273] إلىإِلْحَافاً } [البقرة: 273] قوله تعالى: { فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } [البقرة: 71].

ثم أخبر عن قتلهم القتيل وإحياء القتيل بقوله تعالى: { وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا } [البقرة: 72]، الآيتين والإشارة في تحقيقهم: أن قوله تعالى: { وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً } فيها إشارة إلى قتل النفس، وإن القتيل هو القلب الروحاني، وإن إحياءه في قتل النفس البهيمية، كما قال قائلهم:
أَقَتلوني يا ثِقاتي   إِنَّ قَتلي حَياتي
وكما أشار بعضهم:
سر بالإرادة تحيى بالطبيعة   أو مت بالطبيعة تحيي بالحقيقة
{ فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا } فشككتم واختلفتم أنه كان من الشيطان أم من الدنيا أم من النفس الأمارة بالسوء.

{ وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } [البقرة: 72]، بإحالة النفس إلى الشيطان ومكرها إلى الدنيا وزينتها والشيطان والدنيا يخيلان إلى النفس الأمارة وهواها { فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا } [البقرة: 73]، وكما أن الله تعالى أراد أن يحيي قتيلهم ليفصح بالشهادة على قاتله أمرهم أن يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها ليحيى فيخبر بقاتله فكذلك إذا أراد الله أن يحيي قتيل قلب الإنسان أمر بقتل حيوان النفس بسيف المجاهدات ليحيى قتيل قلبه بأنوار الشهادات كقوله تعالى:

السابقالتالي
2 3