الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُواْ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ } * { يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِي ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَٰلَمِينَ } * { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَٰعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ } * { وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } * { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { وَإِذْ وَٰعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَٰلِمُونَ }

وقال تعالى:وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } [طه: 108] فالتجلي يورث الألفة مع الحق ويسقط الكلفة عن الخلق، { ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ } [البقرة: 46] أي: يوقنون بنور التجلي { أَنَّهُم مُّلَـٰقُواْ رَبِّهِمْ } [البقرة: 46]، أنهم يشاهدون كمال الحق، { وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ } [البقرة: 46]، بجذبات الحق الذي جذبه منها توازي عمل الثقلين.

ثم أخبر عن تأكيد ذكر النعمة لتجديد المنة بقوله تعالى: { يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِي ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } [البقرة: 47]، والإشارة في تحقيق الآية أن الخطاب في قوله تعالى: { يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِي ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } [البقرة: 47]، ظاهره عام وباطنه خاص مع قوم منهم قد علم الله فيهم خيراً، فأسمعهم خطابه في السر، فذكروا النعمة التي أنعم الله بها عليهم، وهي استعداد قبولهم رشاش نوره يوم خلق الله الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره، فآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم من خاصة قبول ذلك الرشاش كما قال صلى الله عليه وسلم: " فمن أصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن أخطأه فقد ضل ".

{ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَٰلَمِينَ } [البقرة: 47] أي: بهذه النعمة عند رش النور على من لم يصبهم ذلك النور مع العالمين { وَٱتَّقُواْ يَوْماً } [البقرة: 48] أي: عذاب يوم يخوف الله العام بأفعاله، كما قال تعالى: { وَٱتَّقُواْ } [البقرة: 48]، ويخوف الخاص بصفاته كقوله تعالى:أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } [النحل: 23]، وقوله تعالى:لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ } [الأحزاب: 8]، ويخوف خاص الخاص بذاته لقوله تعالى:وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } [آل عمران: 28]، وقوله تعالى:ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } [آل عمران: 102].

{ لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً } [البقرة: 48]،وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } [الانفطار: 19] { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَٰعَةٌ } [البقرة: 48]، في حق نفسها ولا في حق غيرها بغير الإذن، كقوله تعالى:مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [البقرة: 255]، { وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } [البقرة: 48] أي: عدل لأنهلَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } [النجم: 39-40]، والسعي المشكور إنما يكون هاهنا { وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ } [البقرة: 48]، لأنهم ما نصروا الحق هاهنا وقد قال تعالى:إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ } [محمد: 7].

ثم أخبر عن أنواع نعمته وأصناف كرمه معهم بقوله تعالى: { وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } [البقرة: 49]، والإشارة فيها أن النجاة من آل فرعون النفس الأمارة بالسوء، وهي صفاتها الذميمة وأخلاقها الرديئة في يوم: { يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ } [البقرة: 49]، الروح والقلب بذبح أبناء الصفات الروحانية الحميدة، واستحياء نساء بعض الصفات القلبية لاستخدامهن في الأعمال القذرة الحيوانية لا تكن إلا بتنجية الله تعالى، كما قال صلى الله عليه وسلم: " لا ينجي أحدكم عمله. قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضله ورحمته "

السابقالتالي
2 3