الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } * { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } * { كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } * { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً } * { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } * { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } * { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً }

ثم أخبر عن أهل الريب أنهم بمعزل من إطلاع الغيب بقوله تعالى: { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ } [مريم: 77] إلى قوله: { عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } [مريم: 78] { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا } [مريم: 77] يشير إلى: من كفر ستر الحق، وأنكر على أهل الصدق من أرباب الطلب وأصحاب الحقائق الذين أنعم الله عليهم بالكشوف والعلوم اللدنية، وهم يتكلمون بها، فالمنكر يعترض عليهم وعلى أقوالهم وأحوالهم، ويقول: إنكم أعرضتم عن الكسب، واعتمدتم على أموال الناس وصدقاتهم، واعتزلتم النساء، وحرمتم عن الأولاد والأموال وأنا أعبد الله، كما تعبدونه { وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } [مريم: 77] ونجاة في الآخرة فقال الله في جوابه: { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ } [مريم: 78] أي: أعلم الغيب بأن يكون له في الدنيا المال والولد، وفي الآخرة النجاة { أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } [مريم: 78] في الميثاق أن يكون له المال والولد والنجاة { كَلاَّ } [مريم: 79] أي: لم يكن له ذلك { سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ } [مريم: 79] أي: سنكتب عليه ما يدل عليه ونؤاخذه به { وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } [مريم: 79] وهو عذاب البعد والهجران { وَنَرِثُهُ } [مريم: 80] يعني: هو على قراءة من يقرأ بالياء { مَا يَقُولُ } [مريم: 80] أي: وبال ما يقول بالاستهزاء والإنكار { وَيَأْتِينَا فَرْداً } [مريم: 80] ما يكون معه ما ينجيه من العذاب، وذلك بأنهم { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً } [مريم: 81] من الهوى والدنيا والأهل والمال والولد { لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } [مريم: 81] أي: ليكون لهم منهم عزة { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ } [مريم: 82] حين لا ينفعهم الإيمان { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [مريم: 82] أي يكون الذين يعبدونهم من دون الله { عَلَيْهِمْ ضِدّاً } أي: ضد ما يتمنون من العزة وهو الهوان والذلة، وبقوله: { تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } [مريم: 83] يشير إلى: شياطين الإنس منهم فيأخذهم لأنهم يهيجون الفتنة على كافري النقمة ومنكري الكرامة، ويعاونونهم على إنكار أهل الأقدار، ويوافقونهم في إيذائهم والطعن فيهم، نظيره قوله:وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً } [الأنعام: 112].

ثم قال: تهديداً لهم وتسلية لأرباب القلوب. { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ } [مريم: 84] بالجزاء والمكافآت { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ } [مريم: 84] أعمالهم وأقوالهم وأحوالهم وأنفاسهم وخواطرهم { عَدّاً } [مريم: 84] لا سهو فيه ولا غلط فيجازيهم بها.