الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً } * { كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } * { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } * { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَداً } * { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً }

{ وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ } [الكهف: 32] وهما النفس الكافرة والقلب المؤمن { جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا } [الكهف: 32] وهو النفس { جَنَّتَيْنِ } [الكهف: 32] وهما الهوى والدنيا، { مِنْ أَعْنَابٍ } [الكهف: 32] الشهوات { وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ } [الكهف: 32] حب الرئاسة { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً } [الكهف: 32] من تمتعات البهيمية ومستلذات الحيوانية.

{ كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ } [الكهف: 33] من الهوى والدنيا { آتَتْ أُكُلَهَا } [الكهف: 33] ثمراتها ونتائجها وهي الميلان إلى زينتها وزخارفها { وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً } [الكهف: 33] أي: بلا نقصان فيها { وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } [الكهف: 33] من قوة البشرية والحواس الخمسة الظاهرة والباطنة.

{ وَكَانَ لَهُ } [الكهف: 34] أي: النفس { ثَمَرٌ } [الكهف: 34] من أنواع الشهوات { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ } [الكهف: 34] وهو القلب { وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } [الكهف: 34] أي: يحاور النفس القلب { أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً } [الكهف: 34] أي: أكثر ميلاً { وَأَعَزُّ نَفَراً } [الكهف: 34] من الأوصاف المذمومات.

{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ } [الكهف: 35] أي: سرح في جنة الدنيا { وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ } [الكهف: 35] في الاستمتاع بها على وفق هواها بخلاف الشرع مغروراً بها حتى { قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ } [الكهف: 35] أي: تهلك وتفنى { هَـٰذِهِ } [الكهف: 35] الدنيا { أَبَداً } [الكهف: 35] إلى أن نسي القيامة بقوله: { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً } [الكهف: 36] فغرته الحياة الدنيا وغره بالله الغرور حتى قال: { وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } [الكهف: 36] يعني: لأنه رحيم كريم يعطيني في الآخرة خيراً مما أعطاني في الدنيا وهذا غاية الغرور بالله وكرمه وهو مخالفة لأوامره ونواهيه، كقوله تعالى:يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } [الانفطار: 6] على قوله:إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } [الانفطار: 13-14].