الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً } * { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } * { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } * { ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }

وأرادوا بذلك أن الرسالة بالملائكة أولى وأحق حتى أجابهم الله بقوله: { قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً } [الإسراء: 95] يشير به إلى أنه لو كان الملك مستأهلاً للخلافة في الأرض لكنا نزلنا عليهم من السماء رسولاً من الملائكة.

{ قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } [الإسراء: 96] بأنه مستعد للرسالة والمُلك { إِنَّهُ كَانَ } [الإسراء: 96] في الأزل { بِعِبَادِهِ } [الإسراء: 96] الذين يخلقهم { خَبِيراً } [الإسراء: 96] بما جبلهم الله عليه { بَصِيراً } [الإسراء: 96] بما يتولد منهم { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ } [الإسراء: 97] روحه عند رشاش نوره على الأرواح بإصابة النور { فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ } [الإسراء: 97] إلى صراط مستقيم الدين القويم، بقبول دعوة الأنبياء وغيرهم من بيديه متابعتهم { وَمَن يُضْلِلْ } [الإسراء: 97] بإخطاء ذلك النور { فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ } [الإسراء: 97] في الهداية من الأنبياء وغيرهم { مِن دُونِهِ } [الإسراء: 97] أي: من دون الله يشير به إلى أن الهداية في البداية مبنية على إصابة النور عند رشاشه؛ فمن لم يصب ذلك النور وأخطأه بقى في ظلمة الضلالة، وليس لأحد أن يخرجه منها إلى نور الهداية إلا الله تعالى؛ فإنه الهادي في البداية والنهاية، وهو الولي الذي يخرج المؤمنين من الظلمات إلى النور من الأزل إلى الأبد، واستوى عنده الأزل والأبد، وكل وقت له أزل وأبد.

{ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً } [الإسراء: 97] لأنهم كانوا يعيشون في الدنيا مكبين على وجوههم في طلب السفليات من الدنيا وزخارفها وشهواتها، عمياً عن رؤية الحق، بكماً من قول الحق، صماً عن استماع الحق؛ وذلك لعدم إصابة النوروَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً } [الإسراء: 72] وقال صلى الله عليه وسلم: " يموت المرء على ما عاش فيه ويحشر على ما مات عليه ".

ثم قال: { مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } [الإسراء: 97] لأنهم كانوا في جهنم الحرص والشهوات، كلما سكنت فار بشهوة باستيفاء حظها زادوا سعيرها باشتغال طلب شهوة أخرى.

{ ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } [الإسراء: 98] يشير إلى أنهم لو كانوا مؤمنين بالحشر والنشر ما أكبوا على جهنم الحرص على الدنيا وشهواتها، وما أعرضوا عن الآيات البينات التي جاء بها الأنبياء - عليهم السلام-.