الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } * { أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً } * { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً } * { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً } * { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً }

وبقوله تعالى: { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ } [الإسراء: 90-91] الآية إلى قوله: { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً } [الإسراء: 93] يشير إلى أنهم أرباب الحس الحيواني يطلبون الإعجاز من ظاهر المحسوسات ما لهم بصيرة يبصرون بها شواهد الحق ودلائل النبوة، وإعجاز عالم المعاني بالولاية الروحانية والقوة الربانية؛ فيطلبون منه تزكية النفوس، وتصفية القلوب وتحلية الأرواح، وتفجير ينابيع الحكمة من أرض القلوب؛ لينبت منها نخيل المشاهدات أو أعناب المكاشفات في جنات المواصلات { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي } [الإسراء: 93] أي: هو القادر على ملتمسكم، والحكيم بصلاحية الأحوال والأمور إن يشاء يبذل مسئولكم ويعطي مأمولكم { هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً } [الإسراء: 93] مثلكم { رَّسُولاً } [الإسراء: 93] من الله مبلغاً رسالته مؤدباً بآداب العبودية، مستسلماً لأحكام الربوبية.

ثم أخبر عن أصل ضلالتهم أنه من غاية جهالتهم، بقوله تعالى: { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً } [الإسراء: 94] إشارة إلى أن أهل النسيان والغفلة الذين لم يبلغوا بعد مبلغ الإنسان الكامل ولا مبلغ الرجال البالغين، ومن { كَتَبَ } اللهفِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ } [المجادلة: 22] لا يعرفون الأنبياء والرسل، وما لهم عند الله من المقامات العلية والأحوال المرضية السنية، وما أنعم الله عليهم من القربات والكمالات مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يعدونهم من أبناء جنسهم ويحسبون أن الملائكة أعلى درجة منهم وأجل منهم منزلة عند الله، وأنهم عن معرفة رتبة الإنسان الكامل بمعزل والله جعله مسجوداً للملائكة المقربين لما أودع فيه من سر الخلافة، فيختارون الملائكة على الأنبياء كما { قَالُوۤاْ } [الإسراء: 94] متعجبين: { أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً } [الإسراء: 94].