الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } * { بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } * { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } * { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ } * { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ } * { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }

وفي قوله: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } [النحل: 43] إشارة إلى أن الرسالة والنبوة والولاية لا تسكن إلا في قلوب الرجال الذينلاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } [النور: 37] وهم أهل الذكر الذي قال الله فيهم: { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } [النحل: 43] فإنهم الرجال في طلب الحق وترك ما سواه وإنهم يعرفون الرجال ليتبينوا { بِٱلْبَيِّنَاتِ } [النحل: 44] التي من خصائص نور الذكر { وَٱلزُّبُرِ } [النحل: 44] يعني: فيما قرءوا في الكتب، ثم جعل الله نبيه وحبيبه أهل الذكر وشرفه بقوله: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ } [النحل: 44] يعني: كان يصعد الذكر إلينا بمقتضى قولنا:فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } [البقرة: 152] أنزلنا إليك ذكرنا { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } [النحل: 44] بنور ذكرنا { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } [النحل: 44] ما نزل إليهم بنور ذكرنا { وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل: 44] فيما يستمعون من بيان القرآن والأحكام منك على أنك أمي ما قرأت الكتب المنزلة، ولا تعلمت العلوم. وإنما يتبين لهم من نور الذكر ما يجعلهم يلازمون الذكر ويواظبون عليه ليصلوا إلى مقام المذكورين في متابعتك ورعاية سنتك.

ثم أخبر عن المنكرين الماكرين الممكورين تهديداً لهم بقوله: { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ } [النحل: 45] أي: آمنوا بمكر الله أن يمكر بهم بشؤم سيئات مكرهم أن يخسف الله بهم الأرض؛ أي: أرض البشرية ودركات السفل { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ } [النحل: 45] بالمكر والاستدراج { مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } [النحل: 45] أنه من أين آتاهم من قبل الأعمال الآخرة بالرياء أو من أعمال الآخرة إلى الدنيا بالهوى الدنيوية أو من قبل الأعمال الأخروية { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ } [النحل: 46] من أعمال الدنيا { فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ } [النحل: 46] أي: بمعجز الله على تعذيبهم { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } [النحل: 47] أي: ينقص من مقاماتهم ودرجاتهم بلا شعورهم عليه { فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } [النحل: 47] بالعباد إذا أعطاهم حسن الاستعداد رحيم عليهم عند فساد استعداداهم بالمعاصي بألاَّ يأخذهم في الحال ويتوب عليهم في المآل، وتقبل توبتهم بالفضل والنوال.

ثم أخبر عن الإجلال لسجود الظلال { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ } [النحل: 48] يشير إلى أن المخلوقات على نوعين: منها ما خلق من شيء كعالم الخلق وهو عالم الأجسام، ومنها ما خلق من غير شيء كعالم الأمر وهو عالم الأرواح، كما قال تعالى:أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ } [الأعراف: 54] دائماً سمي عالم الأرواح بالأمر؛ لأنه خلقه بأمر كن من غير شيء بلا زمان، كما قال الله تعالى:خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } [مريم: 9] يعني: خلقت روحك من قبل خلق جسدكوَلَمْ تَكُ شَيْئاً } [مريم: 9].

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2