الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ } * { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ }

ثم قال: { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [الحجر: 92-93] إنما عملوا بالله وفي الله ولله أو بالطبع في متابعة النفس لمنافع دنيوية بقهره نظير قوله:لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ } [الأحزاب: 8] ثم أمر صلى الله عليه وسلم العمل بالإخلاص في التبشير والإنذار وإظهار الدعوة، وقال: { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } [الحجر: 94] نظيرهفَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ } [هود: 112] { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } [الحجر: 94] الذين أشركوا في أعمالهم لله غير الله، فإن اليسير من الربا شرك { إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ } [الحجر: 95] الذين يستعملون الشريعة بالطبيعة للخلق ويراءون أنهم لله يعملون استهزاء للدينٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ } [البقرة: 15] إلى قوله:وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } [البقرة: 16] لأنهم { ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ } [الحجر: 96] وهو الخلق والهوى والدنيا في استعمال الشريعة بالطبيعة { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [الحجر: 96] حين يجازيهم الله بما يعملون لمن علوا كما قيل:
سوف ترى إذا انجلى الغبارُ   أَفَرَسٌ تحتك أم حِمارُ
{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ } [الحجر: 97] من ضيق البشرية وغاية الشفقة وكمال الغيرة { بِمَا يَقُولُونَ } [الحجر: 97] من أقوال الأخيار ويعملون أعمال الأشرار { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } [الحجر: 98] إنك لست منهم { وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ } [الحجر: 98] لله سجدة الشكر { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ } [الحجر: 99] بالإخلاص { حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ } [الحجر: 99] أي: إلى الأبد وذلك لأن حقيقة اليقين المعرفة، ولا نهاية لمقامات المعرفة فكما أن للواصل إلى مقام من مقامات المعرفة يأتيه يقين بذلك المقام في المعرفة كذلك يأتيه شك بمعرفة مقام آخر في المعرفة فيحتاج يقين آخر في إزالة هذا الشك إلى ما لا يتناهى، فثبت إلى اليقين هاهنا إشارة إلى الأبد.