{ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } [الحجر: 49] لأنه يشير إلى أن المختصين بعبوديته هم الأحرار عن رقّ عبودية ما سواه من الهوى والدنيا والعقبى وهم مظاهر صفات لطفه ورحمته { وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } [الحجر: 50] ذلك لمن يكون عبد الهوى والدنيا وما سوى الله وأنه مظهر صفات قهره ووعيده، وفيه إشارة أخرى إلى أن سير السائرين وطيران الطائرين في هواء العبودية وقضاء الربوبية إنما يكون على قدمي الخوف والرجاء وبجناحي الأنس والهيبة معتدلاً فيها من غير زيادة إحداهما على الأخرى. { وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ } [الحجر: 51] قد مضى تحقيق هذه القصة وقصة لوط في سورة هود. فأما في قصة إبراهيم عليه السلام فإشارة أخرى إلى أن بشارته { بِغُلامٍ عَلِيمٍ } [الحجر: 53] مع كبره وكبر امرأته بشارة للطالب الصادق أنه وإن كان مسناً وقد ضعف جسمه وقواه وعجز عن جهاد النفس ومكابدتها واستعمالها في مباشرة الطاعات والأعمال البدنية يوسوسه الشيطان من نيل درجات القربة، لأن أسباب تحصيل الكمال قد تناهت ومعظمها العمر والشباب؛ ولهذا قال المشايخ: الصوفي بعد الأربعين نادر { وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ } [الحجر: 56].