الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } * { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } * { لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { هَـٰذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

{ وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ } [إبراهيم: 49] هم أرواح أجرموا إذا اتبعوا النفوس ووافقوها في طلب الشهوات والإعراض عن الحق { يَوْمَئِذٍ } يوم التجلي { مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } أي: مقيدين مع النفوس بقيود صفاتها الذميمة الحيوانية لا يستطيعون البروز والخروج لله، { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ } [إبراهيم: 50] المعاصي وظلمات النفوس وهم يحجبون بها عن الله { وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } نار الحسرة والقطيعة والحرمان.

{ لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ } [إبراهيم: 51] أي: كل أرواح { مَّا كَسَبَتْ } من صحبة النفس وموافقتها { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } أي: يحاسب الأرواح بالسرعة في الدنيا ويجزيهم بما كسبوا في متابعة النفوس من العمى والصم والجهل والغفلة والبعد وغير ذلك من الآفات قبل يوم القيامة { هَـٰذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ } [إبراهيم: 52] لأرواح نسوا عالم الوحدة وشهودهم مع الله بلا حجب الغفلة { وَلِيُنذَرُواْ بِهِ } أي: ليتنبهوا بهذا البلاغ قبل المفارقة عن الأبدان لينتفعوا به فإن الانتباه بالموت لا ينفع { وَلِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } فيعبدوه ولا يعبدوا إلهاً غيره من الدنيا والهوى والشيطان وما يعبد من دون الله { وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } وليذكر عالم الوحدة وشهودهم مع الله أولوا الألباب الذين خرجوا من قشر البشرية متوجهين إلى عالم الوجود بل المجذبون من قشر الوجود المجازي الواصلون بلب الوجود الحقيقي العالمون بأنه إله واحد كقوله:فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } [محمد: 19] والله أعلم.

الۤر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ } [إبراهيم: 1] قال جعفر عهد خصصت به فيه بيان سالف الأمم وأحوالهم ونجاة أمتك عنهملِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ } [إبراهيم: 1] من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان، ومن ظلمة البدعة إلى نور السنة ومن ظلمات النفوس إلى أنوار القلوب، وقال أبو بكر بن طاهر: من ظلمة الظن إلى أنوار الحقيقة، قال أبو جعفر: من ظلمة رؤية العقل إلى نور رؤية العقل.

وفي قوله تعالى:ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [إبراهيم: 2] قال الواسطي: الكون كله له، من طلب الكون فاته المكون ومن طلب الحق فوجده سخر له الكون بما فيه.

قوله:ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ } [إبراهيم: 3] قال أبو علي الجوزجاني: من أحب الدنيا حرم عليه الآخرة، ومن طلب الآخرة حرم عليه طريق النجاة، ومن طلب طريق النجاة حرم عليه رؤية فضل الله، ومن طلب طريق رؤية الفضل حرم عليه الوصول إلى المتفضل.

قوله:لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم: 7] سُئل ابن عطاء عن هذه الآية قال: إذا وردت الأشياء إلى مصادرها من غير حضور منك لها تقديم الشكر، وقال الجوزجاني: لئن شكرتم الإسلام لأزيدنكم الإيمان، ولئن شكرتم الإيمان لأزيدنكم الإحسان، ولئن شكرتم الإحسان لأزيدنكم المعرفة، ولئن شكرتم المعرفة لأزيدنكم الوصلة، ولئن شكرتم الوصلة لأزيدنكم الأنس، وقال الحريري: كمال الشكر في مشاهدة العجز عن الشكر.

السابقالتالي
2 3 4 5