الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ } * { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } * { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } * { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ }

{ وَإِن تَعْجَبْ } [الرعد: 5] أي: تعلم أنك يا محمد لا تعجب شيئاً؛ لأنك ترى الأشياء منا ومن قدرتها، وإنك تعلم أنا على كل شيء قدير، ولكن تعجب على عباده أهل الطبيعة إذا رأوا شيئاً غير معتاد لهم أو شيئاً ينافي نظر عقولهم { فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } أي: فتعجب من قولهم: { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً } [الرعد: 5] أي: صرنا تراباً بعد الموت.

{ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } [الرعد: 5] أي: يعود تراب أجسادنا أجساداً كما كان، ويعود إليها أرواحنا فنحيى مرة أخرى، فمعنى الآية أنهم يتعجبون من قدرة الله بأن يكونوا خلقاً جديداً بعد الموت، وليس هذا تعجب من قدرة الله؛ لأن الله هو الذي خلقهم من لا شيء في البداية إذا لم تكن الأرواح والأجساد ولا التراب فلا أهون عليه أن يجعلهم من شيء وهو التراب والأرواح، ولكن العجب تعجبهم بعد أن رأوا الله خلقهم من لا شيء.

{ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ } [الرعد: 5] وهي أغلال الشقاوة التي جعل التقدير الأزلي في أعناقهم كما قال:وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ } [الإسراء: 13] { وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ } [الرعد: 5] أي: هم الذين قال الله تعالى فيهم في الأزل: " هؤلاء في النار ولا أبالي وهؤلاء في الجنة ولا أبالي " قال أمرهم إلى أن يكونوا أصحاب النار إلى الأبد.

{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ } [الرعد: 6] أي: من أمارة هؤلاء القوم استعجالهم بالكفر والمعاصي { قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } [الرعد: 6] أي: قبل الإيمان والطاعة؛ لأنهم أهل الخذلان { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ } [الرعد: 6] أي: مضت من قبلهم وجودهم في التقدير الأزلي العقوبات { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ } [الرعد: 6]، وهم الذين قال الله تعالى فيهم: " هؤلاء في الجنة ولا أبالي ".

{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } [الرعد: 7] أي: علامة يستدل بها على نبوتك يا محمد { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ } [الرعد: 7] على الفريقين أي: ليس عليك هدايتهم، { وَلِكُلِّ قَوْمٍ } من الفريقين { هَادٍ } [الرعد: 7] يهديهم إلى الجنة، وإلى النار وهو الله الذي قال لهم: " هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي " هاد لأهل العناية بالإيمان، والطاعة إلى الجنة، وهاد لأهل الخذلان بالكفر والعصيان إلى النار { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } [الرعد: 8] من السعيد والشقي والولي والعدو والجواد والبخيل والعالم والجاهل والعاقل والسيد والكريم واللئيم وحسن الخلق وسيئ الخلق، وأيضاً: { يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } [الرعد: 8] ذرة من ذرات المكونات من الآيات الدالة على وحدانيته؛ لأنه أودعه فيها وقال:سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ }

السابقالتالي
2