الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

ثم عبَّر يعقوب بالروح عن رؤيا يوسف القلب بقوله: { وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } [يوسف: 6] عن سائر المخلوقات فضلاً عن أقربائك، { وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } [يوسف: 6] وهو العلم اللدني الذي يختص به القلب، { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } [يوسف: 6] بأن يتجلى لك ويستوي عليك إذ القلب عرش حقيقي لله تبارك وتعالى دون ما سوى الله كما قاله تعالى: " لا يسعني أرضي ولا سمائي وإنما يسعني قلب عبدي المؤمن " وهذا الاستحقاق كان ليوسف القلب مختصاً بكمال الحسن.

{ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ } [يوسف: 6] أي: إذا تجلى الله تبارك وتعالى للقلب تنعكس أنوار التجلي على مرآة القلب عن جميع المتولدات في الروح، كالحواس والقوى وغير ذلك من آل يعقوب الروح، { كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ } [يوسف: 6] وهما: { إِبْرَاهِيمَ } [يوسف: 6] السر، { وَإِسْحَاقَ } [يوسف: 6] الخفي، وبهما يستحق القلب قبول فيض التجلي، ولله في هذا ألطاف خفية لا يطلع عليها إلا صاحب وقت مع الله لا يسعه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل، { إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ } [يوسف: 6] بهذه الأحوال، { حَكِيمٌ } [يوسف: 6] فيما يضعها عند المخصوصين بها.