الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }

يا طالب الوحدانية وسرها في عالم الخفى، { قُلْ } [الإخلاص: 1] بلسانك للطيفتك الخفية في عالم الخفى: { هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } [الإخلاص: 1] إشارة إلى الله؛ لأن اللطيفة الخفية في عالمها؛ وهي محجوبة عن غيب الغيوب الذي هو عالم الحق؛ لأن الله { أَحَدٌ } [الإخلاص: 1] في ذاته، { ٱلصَّمَدُ } [الإخلاص: 2]؛ أي: الصمد في صفاته ليس لذاته مثل ولا لصفاته شبه، ولا له ضد، ولا له ند.

{ لَمْ يَلِدْ } [الإخلاص: 3] لأنه صمدي الصفات، { وَلَمْ يُولَدْ } [الإِخلاص: 3]؛ لأنه أحدي الذات، أول كل شيء وآخره، موجد كل شيء ومعدمه، مبقي الحقوق المفردة ومغني الحظوظ المركبة، ومهلك المفردات عند تجلي صفة وتريته.

{ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [الإخلاص: 4] في ملكه وملكوته، واللطيفة الأنانية المستحقة المرائية يقول: سبحان الله الواحد الأحد، الفرد الوتر الصمد، الذي { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [الإخلاص: 3-4] سبحانه ما أعظم شأنه.

وإذا كانت في اللطيفة بقية من القوى الحميدة اللطيفة القالبية أو النفسية يقول: " سبحاني ما أعظم شأني " ، وأنا الحق "؛ فإذا أفاق من غلبة حالتها يقول:
أقتلوني يا ثِقاتي   إِنَّ في قَتلي حَياتي
وَمَماتي في حَياتي   وَحَياتي في مَماتي
وهذه منزلة عظيمة مشكلة ينبغي للسالك أن يكون في بدرقة حماية شيخه ووليه وتقليد نبيه صلى الله عليه وسلم؛ ليخلصه من هذه الورطة في عالم [سيره]، ويصله إلى لطيفة الخفية في غيب الغيوب، ويعرض هذا الغلط على لطيفته الخفية عند تجلي اللطيفة الخفية على اللطيفة الأنانية، والنصارى لأجل هذا أثبتوا الأبوة والأمومة والبنونة وقالوا:ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } [المائدة: 73]، وتحزبوا في مذهب الاتحاد أحزاباً كثيرة، مثل: اليعاقبة والملكية، والنسطورية، فكلهم قالوا بالاتحاد.

ولكن اليعاقبة يزعمون أن الاتحاد كان بالناسوت واللاهوت من حيث الامتزاج والاختلاف، بحيث صار الله تعالى حصلت عظمته، والبصري المأخوذ من مريم جوهراً واحداً، شخصاً واحداً، إلهاً واحداً، يكفرون الملكية والنسطورية، ويستحلون دمهما.

والملكية يزعمون أن الاتحاد كان بالناسوت لا باللاهوت، اتحاد للجارة بحيث صار الله عز وجل كما يقول الظالمون الكافرون الجاهلون والإنسان المولد من مريم، بل هو جوهرين ناسوتي ولاهوتي شخصاً واحداً إلهاً واحداً، ومن لم يعتقدهم يحكمون بكفره واستباحة دمه.

والنسطورية يزعمون أن الاتحاد كان بالشبه والرضاء بحيث صار الله تعالى عما يصفه المشركون الجاحدون علواً كبيراً، والمولود من مريم يسمونه بلغتهم (عمّايزيل) ومعناها بالعربي: لنا جوهران أزلي وزمني، وأقنوماني ناسوتي ولاهوتي ابناً واحداً مسيحيّاً واحداً إلهاً حقاً من إله حق ابن جوهر أبيه، ومن لم يذهب مذهبهم فلا يدخلون القداس، ويقرون بكفرهم وقتلهم وكلهم صدقوا بتكفيرهم وأمرهم بقتلهم، علا الله تعالى وتقدست صفاته بالأقانيم الثلاثة بالاتفاق بعضهم يفسرون الأقانيم الثلاثة؛ أي: الأشخاص بالأب والابن وروح القدس، وبعضهم يقولون: إن ذات البارئ تعالى الله عن ذلك

السابقالتالي
2 3