الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ } * { يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } * { قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ }

وتأكيد هذه الفائدة بقوله تعالى: { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } [هود: 50] القصة، { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } [هود: 50] يشير بهود إلى القلب، وبعاد إلى النفس وصفاتها، فإن القلب أخو عاد النفس؛ لأنها قد تولد من ازدواج الروح والقالب، والمعنى: إنا أرسلنا هود القلب إلى عاد النفس كما أرسلنا نوح الروح إلى قومه، وبهذا المعنى يشير إلى أن القلب قابل لفيض الحق تعالى، كما أن الروح قابل لفيضه.

{ قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } [هود: 50] يشير إلى أن النفس وصفاتها أن يتوجهوا لعبودية الحق وطلبه، { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } [هود: 50] أي: ليس لشيء دونه استحقاق معبوديتكم ومحبوبيتكم ومطلوبيتكم، { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ } [هود: 50] فيما تتخذون الهوى والدنيا معبوداً ومطلوباً، { يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } [هود: 51] أي: على تبليغ ما أنزلنا إليكم؛ لا أطلب منكم أجراً من ثناء الخلق والجاه عندهم، وأمثال هذا مما يتعلق بمشارب النفس؛ لأنه ليس من مشرب القلب، { إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ } [هود: 51] مما يتعلق بلوامع النورانية وطوالع الروحانية وشواهد الربانية، فإنها من مشارب القلوب، { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [هود: 51] أن مشربي غير مشربكم.

{ وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } [هود: 52] أي: اطلبوا منه المغفرة، فإنها صفة من صفاته، { ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } [هود: 52] أي: بمعاونة صفة المغفرة ارجعوا إلى حضرة الربوبية، فإن السير إليه لا يمكن إلا به كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم، قال:سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } [الإسراء: 1].

{ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً } [هود: 52] أي: إذا رجعتم به إليه يرسل عليكم مطر أصناف الألطاف الإلهية وأنوار الفيض الربانية مدراراً من سحاب العناية، { وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً } [هود: 52] التأييد الرباني، { إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ } [هود: 52] من أنوار الإيمان، { وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ } [هود: 52] عن الحق وطلبه، { مُجْرِمِينَ } [هود: 52] في طلب غيره يشير إلى صدق التوجه وثبات قدم الطلب، { قَالُواْ } [هود: 53] أي: النفس وصفاتها.

{ يٰهُودُ } [هود: 53] أي: يا قلب، { مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ } [هود: 53] برهان نستدل به على ما يقول إنه الحق وهو طريق الحق، وبه يتوصل إلى الحق والبرهان، واردات ترد على القلوب من علام الغيوب فتعجز النفس عن تكذيبها لصدمات سطواتها، وكل نفس لم يأت القلب إليها بهذا البرهان لا تتابع القلب، وتقول: { مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا } [هود: 53] من الشهوات والمستلذات الحيوانية.

{ عَن قَوْلِكَ } [هود: 53] أي: بمجرد قولك من غير التأييد الرباني ودلائل البرهان، { وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } [هود: 53] بمصدقين بالبرهان.