الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } * { قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَا فِي ٱلأَرْضِ إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَآ أَتقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { قُلْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } * { مَتَاعٌ فِي ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } * { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ }

ثم أخبر عن الحكمة في إهمال النفوس في بعض الأوقات لاتباع الهوى فقال: { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ } [يونس: 67] أي: ليل البشرية التي بها التمتع للنفوس في شهوات الدنيا ولذاتها، { لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } [يونس: 67] فتستريحوا من نصب المجاهدات، أو تعب الطاعات في بعض الأوقات، ويزول عنكم ملالة النفوس وكلالة القلوب، ويستجد شوقكم وشوق طلبكم فيه، ويجعل بعد ذلك لكم نهار الروحانية مبصراً.

{ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً } [يونس: 67] أي: نهار الروحانية مبصر أي: راضياً وبصيرة بها مصالح السلوك والترقي في المقامات ويتدارك بها ما فاته بالوقفات في ليل البشرية، { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } [يونس: 67] الإهمال، { لآيَاتٍ } [يونس: 67] دلالات، { لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } [يونس: 67] حقائق القرآن بسمع القلوب الواعية.

ثم أخبر عن الآفات والشبهات التي تقع في أثناء السلوك عند ظهور نهار الروحانية؛ ليحترز المسالك عنها فقال: { قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } [يونس: 68] أي: مشركو النفوس، { قَالُواْ } عند تجلي الروح بالخلافة في صفة الربوبية مقترناً بتجلي صفة إبداع الحق وقع الروح مع كمال قربه واختصاصه بالحق عند بقاء تصرف الخيال حتى نسبت الأبوة والبنوة لنص المقامات بالوالد إذ تحققت الأبوة والبنوة، وهذا الكشف والإملاء هو مبدأ ضلالة اليهود والنصارى في قولهم:عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } [التوبة: 30]ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ } [التوبة: 30]، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

كما قال الله تعالى: { سُبْحَانَهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } [يونس: 68] عن اتخاذ الولد واحتياجه إلينا، { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰت } [يونس: 68] سماوات الروحانية من الأحوال والكشوف والمشاهدات، { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [يونس: 68] أرض النفوس من الوهم والخيلاء وما ينشئن من الشبهات والآفات.

{ إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ } [يونس: 68] أي: ما عند النفوس حجة تصلح لصنع هذه الشبهات، { بِهَـٰذَآ أَتقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [يونس: 68] وحقيقته، { قُلْ } [يونس: 69] يا قلب النفوس، { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } [يونس: 69] من النفوس الأمارة بالسوء، { لاَ يُفْلِحُونَ } [يونس: 69] لا يظفرون بكشف الحقائق ما داموا على هذه الصفة.

{ مَتَاعٌ فِي ٱلدُّنْيَا } [يونس: 70] أي: حاصل أمرهم وقصارى أمنيتهم أن يتمتعوا في الدنيا من ملاذها وشهواتها أياماً قليلاً، { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } [يونس: 70] جبراً وقهراً، { ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ } [يونس: 70] من ألم البعد عن الحضرة، { بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } [يونس: 70] أي: بكفرهم إذا أثبتوا الأبوة والنبوة ووقعوا في عذاب البعد ولكن في الدنيا ما ذاقوا ألم العذاب؛ لأنهم كانوا نياماً، والنائم لا يجد ألم شيء من الجراحات حتى ينتبه " والناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " ، ثم بعد الموت يذوقون ألم ما بهم من العذاب.

ثم أخبر عن عاقبة المنذرين المكذبين بقوله تعالى: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ } [يونس: 71] إلى قوله:

السابقالتالي
2