الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَـٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

ثم أخبر عن حال من خالف الخلافة وحال وافقها بقوله: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } [يونس: 15] إلى قوله: { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [يونس: 18]، { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } أي: على ذوي النفس المتمردة، { آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } أي: القرآن المبين بحقائق الأشياء.

{ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } [يونس: 15] أي: أرباب النفوس الذين ما فيهم الشوق إلى لقاء الحق؛ لأن تشوق النفس وشوقها وهواها إلى الدنيا وزخارفها، وإن شوق الحق والصدق في طلبه من نشأة القلب وقلوب أرباب النفوس ميتة ونفوسهم حية، فلمَّا كان في القرآن ما يوافق القلوب ويخالف النفوس ما قبلوه أرباب النفوس، وقالوا: يا محمد { ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ } [يونس: 15] أي: بقرآن يوافق طباعنا وفيه ما يهوى به أنفسنا، { أَوْ بَدِّلْهُ } [يونس: 15] أنت كما بدلوا من اليهود والنصارى والتوراة والإنجيل أحبارهم ورهبانهم بما كانوا موافقاً لهواهم فضلوا وأضلوا كثيراً، { قُلْ } [يونس: 15] يا محمد.

{ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ } [يونس: 15] أي: ليس اتباع أرباب النفوس، ولا اتباع هوى نفسي إلا اتباع الوحي فيما أمر به أو نهى عنه، { إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي } [يونس: 15] أي: إن خالفته لهوى غيره، { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [يونس: 15] أي: عذاب يوم تجزي فيه عظام الأمور، وهي فريق في الجنة، وفريق في السعير، فلفريق سعادة القرب والمواصلة وهي أجر عظيم، ولفريق شقاوة اليد والمفارقة وهي عذاب عظيم. { قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ } [يونس: 16] أي: القرآن لأني أمي وليست التلاوة والقراءة من شأني كما كان حالي مع جبريل عليه السلام أول ما نزل فقال لي: " اقرأ، قلت: لست بقارئ، فغطني جبريل عليه السلام ثم أرسلني، فقال: { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } [العلق: 1] فقرأته لما جعلني قارئاً ولو شاء الله ألا أقرأه ما كنت قادراً على قراءته عليكم " ، { وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ } [يونس: 16]، وما كنت أعلمك بالقرآن ولا أعلمك.

{ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ } [يونس: 16] أي: من قبل نزول القرآن وما كنت تالياً للقرآن، { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [يونس: 16] لكي تتفكروا وتدركوا بنظر العقل المميز الحق من الباطل والهدى من الضلال، { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } [يونس: 17] في دعوة النبوة والرسالة ونزول القرآن، { أَوْ كَذَّبَ بِآيَـٰتِهِ } [يونس: 17] يعني: أو من كذب بالقرآن وبمن أنزل عليه، { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ } [يونس: 17] أي: لا يتخلص الكذابون والمكذبون من فيه الكفر وحجب الهوى وعذاب البعد وحجبهم النفس، { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [يونس: 18] أي: ويعبد المكذبون مع كفرهم وتكذيبهم بالأنبياء.

السابقالتالي
2