الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } * { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَٱصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ }

ثم أخبر عن هذا الخلق أنه في الاقتداء بالحق بقوله تعالى: { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ } [يونس: 108] السورة: { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } أي: ناسي خطابأَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ } [الأعراف: 172] وأعلين مرتبتكم إذ كنتم تسمعون خطابي عني بلا واسطة، { قَدْ جَآءَكُمُ ٱلْحَقُّ } وهو القرآن وهو الحبل المتين المرسل، { مِن رَّبِّكُمْ } بواسطة محمد صلى الله عليه وسلم إذا نزل به الروح الأمين على قلبه، { فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ } [يونس: 108] إلى الاعتصام به كما قال الله تعالى:وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ } [آل عمران: 103]. { فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } [يونس: 108] بأن يخلصها من أسفل السافلين، ويعود بها إلى أعلى عليين مقامها؛ ليسمع خطاب ربها بلا واسطة بقوله:يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ * ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } [الفجر: 27-28]، { وَمَن ضَلَّ } [يونس: 108] عن الاعتصام به، { فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } [يونس: 108] لأنها تبقى في أسفل الدنيا بعيدة عن الله تعالى معذبة بعذاب البعد وألم الفراق. { وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } [يونس: 108] لأعتصم به بوكالتكم، فأوردتكم إلى تلك المقامات والدرجات، وأخلصكم من هذه السفليات والدركات بغير اختياركم، وإنما أنا مأمور بتبليغ الوحي والرسالة والتذكير والموعظة، كقول { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ } [يونس: 109] يعني: بالاعتصام به لنفسك وبالتبليغ إلى أمتك، { وَٱصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ } [يونس: 109] بالقبول لأهل السعادة، والرد لأهل الشقاوة لكل ميسر لما خلق له، { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } [يونس: 109] فيما حكم بقبول الدعوة والقرآن والأحكام والعمل بها لمن سبقت العناية الأزلية، ويرد الدعوة والقرآن والأحكام والعمل بها لمن أدركته الشقاوة الأزلية.