الرئيسية - التفاسير


* تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ) مصنف و مدقق


{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } * { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } * { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } * { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }

قال الشيخ - رحمه الله ونفعنا به وبعلمه في الدارين -: سُمِّيت الفاتحة لمعنيين:

أحدهما: أن الله تعالى بها فتح أبواب خزائن الحقائق التي ما فتح أبوابها لأحد من العالمين على حبيبه ونبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الكتاب بعد أن أودع فيه حقائق جوامع الكلام التي أنزلها على جميع أنبيائه ورسله - عليهم السلام - يدل على هذا المعنى قوله تعالى:وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ } [الأنعام: 59].

والثاني: أنها هي فاتحة فتوحات هذا الكتاب بأن الله تعالى ضمَّن فيها: حقائق مراتب الربوبية ومراتب العبودية، ومراتب الأمور الدنيوية ومراتب الأمور الأخروية التي هذا الكتاب مشتمل عليها سنجمع دقائق مبانيها.

1- فمراتب الربوبية عشرة:

أولها: مرتبة الاسم؛ بأن له تعالى أسماء.

والثاني: الذات.

والثالث: الصفات.

فهذه المراتب الثلاثة حاصلة في { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ } [الفاتحة: 1].

والرابع: الثناء.

والخامس: الشكر.

وهما حاصلان في { ٱلْحَمْدُ } [الفاتحة: 1].

والسادس: الألوهية بمعنى الخالقية، وهي حاصلة في { للَّهِ } [الفاتحة: 1].

والسابع: الربوبية بالوحدانية في الخالقية، وهي حاصلة في { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [الفاتحة: 1].

والثامن: الملكية بالمالكية، وهي حاصلة في { مَـٰلِكِ } [الفاتحة: 1].

والتاسع: المعبودية بالألوهية والوحدانية، وهي حاصلة في { يَوْمِ ٱلدِّينِ } [الفاتحة: 1].

والعاشر: الهداية بالحق والإنعام من الأزل إلى الأبد، وهي حاصلة في { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } [الفاتحة: 1].

2- وكذلك في مرتبة العبودية عشرة:

أولها: معرفة الله تعالى بهذه المراتب.

والثاني: الإقرار بالربوبية لله تعالى وبعبودية نفسه له.

والثالث: معرفة النفس وخلوها عن مراتب الربوبية.

والرابع: العلم باحتياجه إلى الله تعالى واستغناء الله تعالى عنه.

والخامس: عبادة الله تعالى على ما هو أهله بأمره.

والسادس: الاستعانة بالله تعالى في عبوديته بالتوفيق والقدرة والتعلم والإخلاص.

والسابع: الدعاء بالخضوع والخشوع والشوق والمحبة، فإنه خُلق لهذا كما قال تعالى:قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ } [الفرقان: 77] وقال تعالى:يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } [المائدة: 54].

والثامن: الطلب لوجدان الله تعالى وصفاته ونعمه، وهو المقصد الأعلى والمنية القصوى.

والتاسع: الاستهداء عنه ليُهتدَى به وينعم عليه بإرشاده طريق الهداية.

والعاشر: الاستدعاء منه بأن ينعم عليه، ويديم نعمته عليه، ولا يغضب فيرده إلى الضلالة والغواية.

وهذه المراتب كلها حاصلة في { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } إلى آخر السورة فافهم جدّاً.

3- ومراتب الأمور الدنيوية أربعة:

الملك والملك والتصرف فيهما بالملكية والمالكية، وفاتحة الكتاب مشتملة على هذه المراتب كلها كما أشرنا إلى طرف منها، وسنبينها في تفسيرها إن شاء الله تعالى، ولهذا المعنى أيضاً سُمِّيت أم الكتاب؛ لأن أم الكتاب في الحقيقة مصدر حقائق كل دين، وكتاب ومنشأ دقائق كل حكم وخطاب، كقوله تعالى:يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ }

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد