الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ } * { رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } * { لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ وَ } من شدة نفاقهم وبغضهم مع الله ورسوله { إِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ } من القرآن ناطقة { أَنْ آمِنُواْ } أيها المكلفون { بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ } في سبيله { ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ } والسعة { مِنْهُمْ } أي: صناديدهم وعظماؤهم؛ خوفاً من أموالهم وأنفسهم { وَقَالُواْ ذَرْنَا } ودعنا { نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ } [التوبة: 86] المعذورين الغير القادرين.

وبالجملة: { رَضُواْ } أولئك الغواة مع قوتهم وسعتهم { بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ } أي الضعفاء الفاقدين للقوة والسعة { وَ } ما ذلك إلا أن { طُبِعَ } وخُتم { عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } بالكفر والضلال { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } [التوبة: 87] قبح ما جاءوا به من المخالفة والقعود مع أولئك المعذورين، ولذلك لم يأتوا بالمأمور، ولم يتمثلوا به.

{ لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } امتثلوا لأمر الله، وانقادوا لحكمه سمعاً وطاعة، لذلك { جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ } في سبيل الله؛ ابتغاءً لمرضاته وتثبيتاً في دينه { وَأُوْلَـٰئِكَ } المؤمنون المجاهدون { لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ } المثوبات العظمى، والدرجات العليا عند الله { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [التوبة: 88] الفائزون من عنده بما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وبالجملة: { أَعَدَّ ٱللَّهُ } المجازي لخلَّص عباده { لَهُمْ } أي: لهؤلاء المجاهدين المرابطين قلوبهم مع الله ورسوله، الباذلين مهجهم في سبيله { جَنَّاتٍ } منتزهات علمية وعينية وحقية { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أنهار الشهود والكشوف والواردات والإلهامات، لا دفعة ولا دفعات، بل { خَالِدِينَ فِيهَا } أبداً { ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [التوبة: 89] واللطف العميم لهؤلاء المختصين بالعناية الأزلية والسعادة السرمدية.

{ وَ } متى جاءت ونزلت سورة ناطقة بالقتال والجهاد { جَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ } بالأعذار الكاذبة ومَنْ في قلوبهم مرض { مِنَ ٱلأَعْرَابِ } الذين لا اطمئنان لهم في الأيمان { لِيُؤْذَنَ لَهُمْ } بالقعود وعدم الخروج إلى الجهاد { وَقَعَدَ } المصرون { ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } من غير مبالاة بأمر الله وإطاعة رسوله، لا تبالِ بهم وبمخالفتهم وكذبهم؛ إذ { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ } بعد افتضاحهم وظهور نفاقهم { عَذَابٌ أَلِيمٌ } [التوبة: 90] في الدنيا والآخرة، لا نجاة لهم أصلاً.