الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوۤاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ } * { فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَالِفِينَ } * { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } * { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ }

ثم قال سبحانه: { فَرِحَ } المنافقون { ٱلْمُخَلَّفُونَ } عن رسول الله، المتخلفون لأمره، المتمكنون { بِمَقْعَدِهِمْ } أي: بمكان قعودهم { خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ } حين خرج إلى غزوة تبوك { وَ } ما ذلك؛ أي: قعودهم واستقرارهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكانهم، إلا أنهم { كَرِهُوۤاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } لخبث باطنهم وقسوة قلوبهم { وَقَالُواْ } أيضاً للمؤمنين تقريراً وتكسيلاً: { لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ } أي: لا تجاهدوا ولا تقاتلوا في الصيف حتى لا تضعفوا أنتم ومواشيكم { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل: { نَارُ جَهَنَّمَ } البعد والخذلان التي استوجبتم بها بتخلفكم وقعودكم عن الجهاد { أَشَدُّ حَرّاً } وأبلغ إحراقاً وإيلاماً { لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ } [التوبة: 81] ويفهمون ما هي وكيف هي لم يختاروها على حر الدنيا.

{ فَلْيَضْحَكُواْ } أولئك المتخلفون الهالكون في العذاب المؤبد، والوبال المخلد { قَلِيلاً } في الدنيا { وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً } لما لحقهم بعد خروجهم منها من أنواع العذاب والنكال { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [التوبة: 82] فيها من الجرائم العظائم والمعاصي، والآثام.

{ فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ } وردك من غزوتك هذه؛ أي: غزوة تبوك { إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ } أي: من المستخلفين، المستأذنين الذين قعدوا في المدينة بلا عذر، وبعدما قصدت عزوة أخرى { فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ } تلاقياً لما مضى { فَقُلْ } لهم: { لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ } إلى الجهاد { أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً } أصلاً { إِنَّكُمْ } قوم { رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ } والتخلف { أَوَّلَ مَرَّةٍ } بلا عذر بل عن عذر وخديعة { فَٱقْعُدُواْ } دائماً { مَعَ ٱلْخَالِفِينَ } [التوبة: 83] المعذورين من النساء والصبيان، والزمنى والمرضى.

{ وَ } متى ظهر لك حا ل أولئك الغواة، الطغاة الهالكين في البغض والنفاق { لاَ تُصَلِّ عَلَىٰ } ولا تدعُ لـ { أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً } أي: بعد ورود النهي أصلاً { وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ } لتستغفر له { إِنَّهُمْ } من خبث بواطنهم { كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } في حال حياتهم { وَمَاتُواْ } على الكفر أيضاً { وَهُمْ فَاسِقُونَ } [التوبة: 84] مجبولون على الفسق في أصل فطرتهم.

{ وَ } بعدما تحقق عندك، وظهر كفرهم وفسقهم { لاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ } التي هي وبال عليهم { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ } المضف المذل لعصاة عباده { أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا } بأنواع الحوادث والمصيبات { وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ } وميلهم ومحبتهم منوطة بها { وَهُمْ كَٰفِرُونَ } [التوبة: 85] بالله، غير معتبرين معترفين بألوهيته وربوبيته.