الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } * { وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

فعليكم أيها المؤمنون أن تعبذوهم ذكراً أو أنثى؛ إذ { ٱلْمُنَافِقُونَ } المصرون على النفاق أصالة { وَٱلْمُنَافِقَاتُ } المصرات عليه تبعاً { بَعْضُهُمْ } ناشئ { مِّن بَعْضٍ } يتظاهرون ويتعاونون في نفاقهم { يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ } على عكس المؤمنين { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } عن الخيرات والمبرات كلها، وما ذلك إلا أنهم { نَسُواْ ٱللَّهَ } المظهر الموجد لهم بالإعراض عن حكمه وإيذاء رسوله المبين لأحكامه { فَنَسِيَهُمْ } الله أيضاً، ولم ينظر إليهم بنظر الرحمة { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ } المصرين على النفاق، المتمردين عن الوفاق { هُمُ الْفَاسِقُونَ } [التوبة: 67] المقصورون على الخروج عن مقتضى أمر الله وحكمه.

لذلك { وَعَدَ الله } المنتقم القادر على أنواع الانتقام { الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ } المجاهرين بلا تفاوت { نَارَ جَهَنَّمَ } لا نجاة لهم منها أصلاً، بل { خَالِدِينَ فِيهَا } أبداً { هِيَ } أي: النار { حَسْبُهُمْ } ي: محسبهم وقرينهم { وَ } مع ذلك { لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } أي: طردهم وأبعدهم عن سعة رحمته { وَلَهُمْ } بسبب طرد الله إياهم ولعنه { عَذَابٌ } عظيم فوق عذاب جهنم { مُّقِيمٌ } [التوبة: 68] دائم غير منقطع، يتألمون طرد الله إياهم ويتعذبون، ولا عذاب أعظم من حرمان الوصول إلى جنة الحضور.

وأعوذك بك منك، لا ملجأ لنا غيرك.

وبالجملة: مثلكم أيها المتمردون المنهمكون في الكفر والضلال، المصرون على النفاق والعناد، المعاندون مع الله ورسوله { كَٱلَّذِينَ } أي: كمثل الكفرة الذين مضوا { مِن قَبْلِكُمْ } بطرين مفتخرين بما عندمم من حطام الدنيا ومزخرفاتها، بل هم { كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً } وقدرة { وَأَكْثَرَ } منكم { أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ } أي: نصيبهم وحظهم مما قدر لهم من لذات الدنيا وشهواتها، واستكبروا على من أرسل عليهم لتكميلهم وإرشادهم.

{ فَاسْتَمْتَعْتُمْ } أيضاً { بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ } أي: أخذتم وشرعتم في الأباطيل وتكذيب الرسول والمعاداة معه، وقصد إيذائه وقتله وقتل من آمن له { كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ } وشرعوا في حق أنبيائهم ورسلهم، انظروا إلى وخامة عاقبتهم، وكيف استؤصلوا فانتظروا لمثله، بل بأشد منها؟! وبالجملمة: { أُوْلَـٰئِكَ } البعداء المردودين عن منهج الرشاد والسداد { حَبِطَتْ } أي: هلكت واضمحلت، وبطلت { أَعْمَالُهُمْ } التي عملوها؛ لتفيدهم وتنفعهم { فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ } فلم ينفعهم أصلاً لا في الأولى ولا في الأخرى؛ لعدم مقارنتها بالإيمان وتصديق الرسول { وَأُوْلَئِكَ } الضالون عن طريق الحق { هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } [التوبة: 69] المقصورون على الخسران، المقضيون بالحرمان والخذلان.

وبالجملة: مثلكم أيها المنافقون كمثلهم، بل أنتم أسوأ حالاً منه؛ إذ نبيكم الذي كذبتم به أعلى رتبة من جميع الأنبياء.