الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } * { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ } * { يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } * { لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ }

ومن جملة نفاق المنافقين وشقاقهم: إنهم { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ } لتسليتكم وتلبيسكم أيها المؤمنون على ما صدر عنهم من التخلف والتقول على سبيل العذر { لِيُرْضُوكُمْ } أي: لترضوا عنهم وتقبلوا عذرهم { وَٱللَّهُ } المطلع لضمائرهم { وَرَسُولُهُ } الملهم من عنده بمخايلهم وأباطيلهم { أَحَقُّ } وأليق { أَن يُرْضُوهُ } أي: رسوله أحق بالإرضاء والمراضاة، وحد الضمير؛ لأن إرضاء الرسول مستلزم لإرضاء الله، بل هو عين إرضائه سبحانه عند من ارتفع سبيل التعدد عن عينه، وغشاوة الكشرة عن بصره { إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } [التوبة: 62] بالله وبحقية رسوله.

{ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ } ويفهموا أولئك المتخلفون، المؤذون لله ورسوله { أَنَّهُ } أي: الشأن { مَن يُحَادِدِ } ويشاقق { ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ويتعد حدود الله ويخالف أمر رسوله { فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ } جزاءً لما اقترف من المعاداة، فيكون { خَالِداً فِيهَا } لا ينجو منها أصلاً { ذٰلِكَ } أي: الخلود في جهنم الحرمان { ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ } [التوبة: 63] والهلاك الدائم.

ومن شدة نفاقهم وشقاقهم { يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ } المصرون على الكفر الكامن في قلوبهم، المظهرون للإيمان استهزاءً ومداهنةً { أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ } أي: على المؤمنين { سُورَةٌ } طائفة من الكلام { تُنَبِّئُهُمْ } وتخبرهم { بِمَا فِي قُلُوبِهِم } من الكفر والنفاق فحينئذٍ فعلوا ما فعلوا بالمشركين المجاهدين { قُلِ } لهم تهديداً وتقريراً: { ٱسْتَهْزِءُوۤاْ } بالمؤمنين، وامضوا على ما أنتم عليه من الكفر والنفاق { إِنَّ ٱللَّهَ } المنتقم منكم { مُخْرِجٌ } مظهر { مَّا } كنتم { تَحْذَرُونَ } [التوبة: 64] منه، وهو إنزال السورة؛ لإفشاء حالكم.

{ وَ } كيف لا ينتقم الله عنهم { لَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ } أي: لئن سألتهم وأخذتهم حين استهزءا بك وبأصحابك وقت مرورهم عليك في غزوة تبوك قائلين: انظروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتح قصور الشام وحصونه هيهات هيهات، فألهمت به فدعوتهم، وقلت لهم: قلتم كذا كذا؟ فقالوا: لا والله ما كنا في أمرك وأصحابك في شيء، بل { إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } بالأراجيف مزاحاً؛ ليهون السفر علينا { قُلْ } لهم بمقتضى علمك إياهم، بوحي الله وإلهامه توبيخاً وتقريعاً: { أَبِٱللَّهِ } المنزه ذاته عن أن يستهزئوا { وَآيَاتِهِ } البريئة عن النقض { وَرَسُولِهِ } المطهر عن شوب الكذب { كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } [التوبة: 65].

{ لاَ تَعْتَذِرُواْ } بالأعذار الفاسدة، ولا تحلفوا بالحلف الكاذب، إنكم { قَدْ كَفَرْتُمْ } وأظهرتم بإيذاء الرسول والطعن في دينه { بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } بعدما أظهرتم الإيمان فارتفع الأمان عنكم بفعلكم هذا فلحقتم بالمشركين، فنفعل بكم ما نفعل بهم { إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ } بعدما تابوا عمَّا صدر عنهم، ورجعوا إلى الله نادمين خاشعين عن ظهر القلب { نُعَذِّبْ } بالقتل والأسر، والإجلاء والإذلال { طَآئِفَةً } أخرى منكم { بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } [التوبة: 66] مصرين على ما هم عليه من الكفر والنفاق وإيذاء الرسول والتخلف عن أمره بلا توبة وندامة.