الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } * { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } * { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ }

{ وَ } من جملة نفاقهم: إنهم { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ } بالحلف الكاذب { إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ } أي: من جملتكم وزمرتكم يفرحون بفرحكم وسروركم، ويتغممون بحزنكم ومصيبتكم { وَ } الحال أنهم { مَا هُم مِّنكُمْ } لكفرهم وشركهم المركوز في قلوبهم { وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } [التوبة: 56] يخافون أن تفعلوا بهم فعلكم من المشركين، فاضطربوا إلى المداهنة والنفاق فأظهروا الإسلام؛ حفظاً لدمائهم وأموالهم، وهم مضطرون على إظهار الإيمان، ومن غاية تذللهم واضطرارهم.

{ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً } منيعاً من الحصون والقلاع { أَوْ مَغَارَاتٍ } في شعاب الجبال { أَوْ مُدَّخَلاً } جحراً يمكنه الإنجحار والاستتار فيه { لَّوَلَّوْاْ } وانصرفوا ألبتة { إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } [التوبة: 57] يسرعون، كالفرس الجموح { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ } يعينك وينصرك { فِي ٱلصَّدَقَاتِ } أي: قسمة الغنائم، ويتردد حولك حين القسمة طامعاً { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا } بينهما أو شيئاً يعتد به { رَضُواْ } منك، وأثنوا عليك شكراً لإعطائك { وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا } لعدم استحقاقهم؛ وبسبب تخلفهم ونفاقهم { إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } [التوبة: 58] يفاجئون بالغيظ والسخط إظهاراً لما في قلوبهم من الأكنة.

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ } كانوا مؤمنين كما ادعوا { رَضُوْاْ } في تقاسيم الغنائم وغيرها على { مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ } وأعطاهم من فضله؛ إذ هو الحكيم في قسمة أرزاق عباده على تفاوت درجاتهم { وَرَسُولُهُ } المستخلف له، الملهم من عنده { وَقَالُواْ } من كمال إخلاصهم وتفويضهم كسائر المؤمنين: { حَسْبُنَا ٱللَّهُ } المدبر الكافي لأمورنا يكفينا علمه بنا { سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ } المكفل لأرزاقنا { مِن فَضْلِهِ } وسعة لطفه وجوده ما يكيفنا { وَ } سيعطينا { وَرَسُولُهُ } النائب عنه بإذنه من الغنائم والصدقات ما يشبعنا ويغنينا { إِنَّآ } بعدما آمنا بالله، وتحققنا بتوحيده بإرشاد رسله { إِلَى ٱللَّهِ } الباقي بالبقاء الأزلي السرمدي لا إلى غيره من الأظلال والأموال والمزخرفات الفانية { رَاغِبُونَ } [التوبة: 59] ليرزقنا من فوائد رزقه المعنوي، وفوائد توحيده الذاتي؛ أي: هم لو رضوا كما رضي المؤمنون الموقنون، واعترفوا كما اعترفوا لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً وتقريراً في قلوبهم.