{ يَـٰأيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى إيمانكم التقوى عن محارم الله { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } عن مخالفة أمره { وَكُونُواْ } في السراء والضراء { مَعَ ٱلصَّادِقِينَ } [التوبة: 119] المصدقين لرسوله، المتابعين له في جميع أموره. واعلموا أنه { مَا كَانَ } أي: ما صحَّ وجاز { لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ } يسكن { حَوْلَهُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ } المترددين في بواديها { أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ } حين خرج إلى القتال، واقتحم على الأعداء { وَلاَ } يصح لهم أن { يَرْغَبُواْ } ويميلوا { بِأَنْفُسِهِمْ } لحفظها وصيانتها { عَن نَّفْسِهِ } بل يجب عليهم أن يفدوا نفوسهم، ويكفلوا في صيانته وحفظه صلى الله عليه وسلم، وحيث اقتحم صلى الله عليه سلم فلهم المبادرة والمسابقة { ذٰلِكَ } أي: ما وجب عليهم من تحمل المشاق والمتاعب، والإسراع إلى الاقتحام، والإقدام عليها { بِأَنَّهُمْ } أي: بسبب أنهم متى خرج صلى الله عليه وسلم { لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ } أي: عطش { وَلاَ نَصَبٌ } ألم من أنواع الآلام { وَلاَ مَخْمَصَةٌ } أي: مجاعة { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } لإعلاء دينه وكلمة توحيده. { وَ } كذا { لاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً } ولا يدوسون مكاناً { يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ } مرورهم عنه { وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً } من القتل والأسر، والغلب والنهب { إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ } عند الله { عَمَلٌ صَالِحٌ } موجب للمثوبة العظمى والدرجة العليا، وبالجملة: { إِنَّ ٱللَّهَ } المحسن المتفضل لخواص عباده { لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } [التوبة: 120] الذين يحسنون الأدب مع الله، ويعبدونه كأنهم يرونه ومع رسوله، المستخلف منه، النائب عنه. { وَلاَ يُنفِقُونَ } هؤلاء المحسنون { نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً } في سبيل الله؛ طلباً لمرضاته { وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً } تجاه العدو حين أمرهم الله ورسوله { إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ } في ديوان حسناتهم { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ } بها جزاء { أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [التوبة: 121] أي: مثل جزاء أحسن أعمالهم.