الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَٱنْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

{ أَفَمَنْ أَسَّسَ } ووضع { بُنْيَانَهُ عَلَىٰ } قاعدة محكمة وركن شديد، هي { تَقْوَىٰ } أي: تحفظ وتحصن { مِنَ اللَّهِ } أي: غضبه وسخطه { وَ } طلب { رِضْوَانٍ } ومثوبة عظيمة، ومنزلة رفيعة منه { خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ } أي: على طرف واد جوفه السيول والأمطار فسقط البعض، وأشرف على السقوط والانهدام البعض الآخر، فوضع عليه بناءه { فَٱنْهَارَ بِهِ } وسقط معه { فِي نَارِ جَهَنَّمَ } أي: الوادي الغائر، الهائر، المملوءة من نار الحرمان والخذلان { وَٱللَّهُ } الهادي لخلَّص عباده { لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [التوبة: 109] الخارجين عن مقتضى أوامره ونواهيه.

ومن شدة غيظهم وخبث باطنهم { لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ } يورث ويزيد { رِيبَةً } شكاً وريباً متزايداً { فِي قُلُوبِهِمْ } مترشحاً فيها { إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ } بنيران الحسرة، وتفتتت وتلاشت بأهوال العذاب إلى حيث لا يتأتى منها الإدراك { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } بمخايلهم الكامنة في صدورهم { حَكِيمٌ } [التوبة: 110] في جزائها وانتقامها.

ثم قال سبحانه تبشيراً للمؤمنين الباذلين مهجهم في سبيل الله: { إِنَّ ٱللَّهَ } المتفضل بالفضل العظيم واللطف الجسيم { ٱشْتَرَىٰ } استبدل { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ } الفانية في أنفسها، المعدومة المبذولة في سبيله سبحانه في النشأة الأولى { وَأَمْوَالَهُمْ } المصروفة فيه أيضاً { بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ } الباقية واللذة المستمرة الدائمة، بدلها لذلك { يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أولئك المتمثلون بحكم الله، المصدقون لوعده { فَيَقْتُلُونَ } أعداءه، فيستحقون المثوبة التي وعد الغزاة المجاهدين { وَيُقْتَلُونَ } ويصلون إلى درجة الشهداء الذين هم أحياء عند الله يُرزقون من موائد أفضاله، فرحون يوعدون من عنده سبحانه { وَعْداً عَلَيْهِ } بلا خلف فيه { حَقّاً } ثابتاً مثبتاً { فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ } المنزلة من عنده { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ } ووفى العهود استحق { مِنَ ٱللَّهِ } الوعد الموعود { فَٱسْتَبْشِرُواْ } أي: افرحوا واربحوا أيها المؤمنون { بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ } مع ربكم، بأن استبدلتم الفاني الزائل بالباقي المستمر الدائم { وَذَلِكَ } الموعود لكم { هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [التوبة: 111] المعد لأرباب العناية.