الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ ٱللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ }

{ وَقُلِ } يا أكمل الرسل للمخلفين من الأعراب: { ٱعْمَلُواْ } ما شئتم من الكفر والنفاق { فَسَيَرَى ٱللَّهُ } الرقيب عليكم { عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } بوحيه سبحانه وإلهامه { وَٱلْمُؤْمِنُونَ } بتبليغه { وَ } اعلموا أيها الغواة المجرمون { سَتُرَدُّونَ } للحساب والجزاء { إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ } أي: السرائر والخفيات التي تسترونها من الكفر والمعاصي { وَٱلشَّهَادَةِ } أي: التي تعلنون بها { فَيُنَبِّئُكُمْ } سبحانه على التفصيل { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [التوبة: 105] من طغيان نفوسكم، ويجازيكم عليها.

{ وَآخَرُونَ } من المتخلفين بعدما تبهوا بقبح صينعهم { مُرْجَوْنَ } مؤخرون، منتظرون { لأَمْرِ ٱللَّهِ } وحكمه، وصاروا مترددين بين الخوف والرجاء فيما فعل الله معهم { إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ } أخذاً على ما صدر عنهم بمقتضى عدله { وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ } ويوفقهم على التوبة يمقتضى فضله وسعة رحمته، وجوده { وَٱللَّهُ } المطلع لخفيات صدورهم { عَلِيمٌ } بإخلاصهم ونيَّاتهم { حَكِيمٌ } [التوبة: 106] في فعله بهم بعد علمه بحالهم.

{ وَ } من أشدهم كفراً ونافقاً، وأغلظهم بغضاً وشقاقاً، هم { ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ } تلبيساً وتغريراً { مَسْجِداً } قاصدين في بنائه { ضِرَاراً } مضرةً وسوءاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين { وَكُفْراً } أي: اشتداداً وزيادة فيه؛ لأنهم يقصدون بإنشائه وبنائه قتل رسول الله والمؤمنين فيه { وَ } قصدوا أيضاً { تَفْرِيقاً } وتشتيتاً { بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } المجتمعين في مسجد قباء { وَ } بالجملة: إنما يبنونه { إِرْصَاداً } أي: ترقباً وانتظاراً { لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } وهو أبو عامر، الراهب الذي حارب مع المؤمنين { مِن قَبْلُ } يوم حنين فانهزم، فهرب إلى الشام؛ ليذهب إلى قيصر، فيأتي بجنوده، وهم منتظرون لمجيئه.

{ وَ } بعدما ظهر نفاقهم وخداعهم بوحي الله وإلهامه على رسوله { لَيَحْلِفُنَّ } وليقسمن بالأيمان الغليظة { إِنْ أَرَدْنَا } أي: ما قصدنا ببنائه { إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ } والخير، وهي الصلاة المقربة نحو الحق والذكر والتسبيح والتوسعة على المؤمنين، وازدياد شعائر الإسلام { وَٱللَّهُ } المطلع لضمائرهم ومحايلهم { يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [التوبة: 107] في حلفهم.

وإذا عرفت يا أكمل الرسل حالهم، وحلفهم، وسوء قصدهم وفعالهم { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً } للتوجه والصلاة؛ لكونه مبنياً على الخداع والتزوير { لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ } وبني { عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ } عن محارم الله وخالصاً لرضاه { مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ } بني، وهو مسجد قباء { أَحَقُّ } أي: أليق وأولى { أَن تَقُومَ فِيهِ } للصلاة والميل نحو الحق؛ إذ { فِيهِ رِجَالٌ } مؤمنون كاملون في الإيمان { يُحِبُّونَ } دائماً { أَن يَتَطَهَّرُواْ } عن المعاصي والآثام، ويتوجهوا نحو الحق برفض الشواغل ونقض العوائق العلائق { وَٱللَّهُ } المطلع بنياتهم { يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ } [التوبة: 108] القاصدين تظهير ذواتهم عن التوجه إلى ما سوى الحق المطلق، بل عن هوياتهم وتعيناتهم الباطلة.