الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } * { وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ } أيها المؤمنون { مِّنَ ٱلأَعْرَابِ } الساكنين في البوادي قوم، هم { مُنَٰفِقُونَ } معكم، وإن إظهروا المؤدة والإخاء، والإيمان على طرف اللسان، لا تبالوا بإيمانهم، ولا تغفلوا عن خدعهم { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } أيضاً قوم { مَرَدُواْ } أي: رسخوا { عَلَى ٱلنِّفَاقِ } ومن شدة نفاقهم وتمرنهم عليه صاروا بحيث { لاَ تَعْلَمُهُمْ } أيها المتصف بالفراسة الكاملة من غاية تلبيسهم وإخفائهم، بل { نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } ونعلم ما في ضمائرهم من الخيالات الفاسدة { سَنُعَذِّبُهُم } في الدنيا { مَّرَّتَيْنِ } مرة بتفضيحهم وإظهار ما في قلوبهم من الأكنة والشقاق، ومرة بقتلهم وسبيهم وإجلائهم { ثُمَّ يُرَدُّونَ } بعد انقضاء النشأة الأولى { إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } [التوبة: 101] هو حرمانهم وانحطاطهم عن المرتبة الكاملة الإنسانية التي هي مرتبة الخلافة والنيابة الجامعة لجميع المراتب الكونية والكيانية.

{ وَ } من أهل المدينة قوم { آخَرُونَ } ليسوا من المصرين على النفاق، المتمرنين فيه، بل { ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ } التي صدرت عنهم من المخالفة والبغض والطعن والاستخفاف، والغيبة حين خلوا مع المنافقين المتمرنين، وهم وإن صدر عنهم الإيمان والإخلاص، لكنهم { خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً } من الإخلاص والرضاء، والتسليم { وَ } عملاً { آخَرَ سَيِّئاً } وهو اتفاقهم مع المنافقين في خوضهم وطعنهم، بذلك انحطوا عن رتبة المخلصين في جميع حالاتهم { إِنَّ ٱللَّهَ } أي: يوفقهم على التوبة والندامة، ويقبل منهم توبتهم بعدما أخلصوا فيها { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } المصلح لأحوال عباده { غَفُورٌ } لمن تاب وندم عن ظهر القلب { رَّحِيمٌ } [التوبة: 102] يقبل توبتهم إن أفرطوا.

{ خُذْ } يا أكمل الرسل { مِنْ أَمْوَالِهِمْ } أي: من أموال هؤلاء المذنبين التائبين، النادمين عمَّا صدر عنهم من المخالفة حين أذنوا لك أن تخرج منها { صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ } عن أدناس الطبيعة المولعة لحب المال والحرص في جمعها ونمائها { وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } أي: تصفي بواطنهم عن الشواغل العائقة عن اللذات الروحانية { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } واستغفر لذنوبهم، وادع لهم بالدعاء الخير { إِنَّ صَلَٰوتَك } والتفاتك بحالهم { سَكَنٌ لَّهُمْ } أي: سكينة لقلوبهم ووقار وطمأنينة، وسبب لتقررهم وتثبتهم على جادة التوحيد والإيمان { وَٱللَّهُ } المراقب عليهم في حالاتهم { سَمِيعٌ } لإخلاصهم ومناجاتهم { عَلِيمٌ } [التوبة: 103] بنيَّاتهم وحاجاتهم.

{ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ } أولئك التائبون، النادمون المخلصون، المتضرعون نحو الحق على عفو زلاتهم وتقصيراتهم { أَنَّ ٱللَّهَ } المصلح لأحوالهم { هُوَ } بلطفه وفضله { يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } بعدما وفقتهم عليها، ويتجاوز عن سيئاتهم { وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ } من أموالهم؛ أي: يقبلها منهم تطهيراً لقلوبهم عمَّا يشوشهم من رذائل هوياتهم وتعيناتهم؛ ليتشمروا نحو الحق مخفين { وَ } لم يعلموا { أَنَّ ٱللَّهَ } المتفضل لعباده { هُوَ ٱلتَّوَّابُ } الرجاع لهم عن مقتضيات نفوسهم نحو جنابة { ٱلرَّحِيمُ } [التوبة: 104] عليهم يوصلهم إلى بابه إن أخلصوا في سلوكهم وتوجههم.