الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } * { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } * { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ }

{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ } المعبرَّر بها عن العلويات والمتأثرات عن الأسماء والصفات الإلهية { ٱنفَطَرَتْ } [الانفطار: 1] انشقت وانخرقت، ولم يبق قابليتها للتأثر والاستعداد من الأسماء والصفات.

{ وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ } التي تعينت عليها بالهويات، وتكثرت بالهياكل والماهيات { ٱنتَثَرَتْ } [الانفطار: 2] وتفرقت أوضاعها، وتلاشت أشكالها وهيئاتها.

{ وَإِذَا ٱلْبِحَارُ } المستحدثة من صعود الأمواج المتراكمة، المترادمة على بحر الوجود واتصف كل واحد منها بالصفات المتنوعة، مثل الغيب والشهادة، والأولى والأخرى، إلى غير ذلك من العوالم التي لا تُعدّ ولا تُحصى { فُجِّرَتْ } [الانفطار: 3] انفجرت وانفتحت بعضها على بعض، وارتفعت صور الأمواج، واتصل الكل فصار بحراً واحداً وحدانياً على ما كان أزلاً وأبداً.

{ وَإِذَا ٱلْقُبُورُ } المندرسة المتنكسة التي لم يبق في أجوافها شيء من أمارات عالم الناسوت { بُعْثِرَتْ } [الانفطار: 4] قلبت وبحثرت، وخرج من مطاوبها ما فيها من حصة عالم اللاهوت.

{ عَلِمَتْ } يومئذٍ { نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ } في نشأة الاختبار والاعتبار من صوالح الأعمال، ومحاسن الأخلاق والأطوار { وَأَخَّرَتْ } [الانفطار: 5] أهملت وتركت فيها منها.

ثمَّ نادى سبحانه مظهر الإنسان، المصور بصورة الرحمن بداءً معاتبةً وتخجيلاً على ما عرض عليه من الغفلة والنيسان، مع أنه جُبل على فطرة التوحيد والعرفان، فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ } المنعم عليك بأنواع الإنعام والإحسان { مَا غَرَّكَ } أي: أيّ شيء خدعك ومكر بك حتى جبرك على الكفر والعصيان { بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } [الانفطار: 6]؟!

{ ٱلَّذِي خَلَقَكَ } أوجدك وصوَّرك في أحسن تقويم { فَسَوَّاكَ } أي: سوَّى أعضاءك وجوارحك سليمة عن مطلق العيوب.

{ فَعَدَلَكَ } [الانفطار: 7] أي: جعلك معتدل المزاج، متناسب الأعضاء، مطبوع الهيكل.

وبالجملة: { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } [الانفطار: 8] يعني: في أيّ صورة بديعة عجيبة، ممتازة عن صور عموم الحيوانات تعلَّق بها مشيئته وإرادته ركبك عليها؛ أيك انتخب صورتك من صور جميع المظاهر فركبك عليها.

قيل للفضيل بن عياض - قُدِّس سره -: لو أقامك الله تعالى يوم القيامة، وقال: يا فضيل ما غرَّك بربك الكريم، ماذا كنت تقول؟ فقال: أقول: غرني ستورك المرخاة.

وقال يحيى بن معاذ - قُدِّس سره -: لو أقامني سبحانه بين يديه، فقال: يا يحيى ما غرَّك بي؟ قلت: غرَّني برك بي سالفاً وآنفاً.

وقال أبو بكر الوراق - قُدِّس سره -: لو قال لي: ما غرَّك بربك الكريم؟ لقلت: كرم ربي الكريم.

وأنا الفقير الحقير، خادم الفقراء وتراب أقدامهم، أقول لو قال لي ربي: ما غرَّك بربك؟ لقلت: كفالتك بي، وكونك سمعي وبصري، وعموم قواي ومشاعري، يا ربي.