الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } * { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } * { أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً } * { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً } * { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } * { وَعِنَباً وَقَضْباً } * { وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً } * { وَحَدَآئِقَ غُلْباً } * { وَفَاكِهَةً وَأَبّاً } * { مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } * { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ } * { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } * { وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } * { وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } * { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ } * { ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } * { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } * { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } * { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ }

{ كَلاَّ } ردع له وويل عليه، ما هذا النسيان والكفران لهذه النعم العظام والكرامات الجسام { لَمَّا يَقْضِ } أي: لم يقض ولم يجر من لدن وجوده وظهوره على { مَآ أَمَرَهُ } [عبس: 23] الحق به؛ إذ لا يخلو أحد من أفراد الإنسان عن الكفر والكفران، والإثمَّ والعدوان، إلاَّ أن يعضه متدارك متلاف، قد جبر بالتوبة والإيمان ما كسر بالكفر، وبعضه مغمور في عصيانه ونسيانه إلى حيث لا يتنبه قط.

وبالجملة: { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ } المجبول على الكفران والنسيان { إِلَىٰ طَعَامِهِ } [عبس: 24] المسوق له من لدنَّا تفضلاً وتكريماً؛ لتقويته وتقويم بنيته.

{ أَنَّا } من مقام عظيم جودنا كيف { صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ } وأنزلنا من جانب السماء { صَبّاً } [عبس: 25] ترويجاً له، وتهيئةً لأسباب معاشه.

{ ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ } بعدما صببنا الماء عليه { شَقّاً } [عبس: 26] بديعاً.

{ فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } [عبس: 27] من أنواع الحبوب التي يقتات بها الإنسان { وَعِنَباً } متضمناً لأنواع الأدم والمشروبات.

{ وَقَضْباً } [عبس: 28] نباتاً يُقطع مرة بعد مرة، يعين للأكل.

{ وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً } [عبس: 29].

{ وَ } بالجملة: { حَدَآئِقَ غُلْباً } [عبس: 30] مملوءة بأنواع الأشجار والثمار.

{ وَفَاكِهَةً } أي: ألوان الفاكهة وأنواعها وأصنافها { وَأَبّاً } [عبس: 31] علفاً لمواشيه ومراكبه التي بها يتم ترفهه وتنعمه.

وبالجملة: أعطاكم وأحسن إليكم سبحانه ما أعطى وأحسن من النعم العظام، والكرم الجسام، ليكون { مَّتَاعاً } وتمتعياً { لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } [عبس: 32] التي بها يتم ترفهكم وتنعمكم، وإنما أنعم عليكم سبحانه؛ لتعرفوا المنعم، وتواظبوا على شكر النعم، وأنتم تكفرون للنعم والمنعم جميعاً.

اذكروا { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ } [عبس: 33] الصيحة المقرعة لصماخكم وأسماعكم.

فحينئذٍ شق عليكم الأمر، وصعب الهول، مع أنه لا نصر يومئذٍ ولا مظاهرة، ولا إغاثة من أحد ولا إعانة، بل { يَوْمَ } أي: يومئذٍ { يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } [عبس: 34] شقيقه وشقيقته { وَأُمِّهِ } التي يأوي إليها.

{ وَأَبِيهِ } [عبس: 35] الذي يظاهر ويفتخر به { وَصَٰحِبَتِهِ } التي هي أحب إليه من عشائره.

{ وَبَنِيهِ } [عبس: 36] الذين هم أعز عليه من عموم أقاربه.

وسبب النفرة والفرار: اشتغال كل بحاله بلا التفات منه إلى حال غيره؛ إذ { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 37] يشغله عن شئون غيره، ويزعجه على الاهتمام به، مع أنه لا يكفه ولا يكفيه.

وكيف لا يكون كذلك؛ إذ { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ } [عبس: 38] مضيئة مشرقة، متنورة بنور الإيمان والعرفان.

{ ضَاحِكَةٌ } فرحاً وسروراً بلقاء الرحمن { مُّسْتَبْشِرَةٌ } [عبس: 39] بعلو الدرجات والمقامات بأنواع السعادات والكرامات.

{ وَوُجُوهٌ } أخر { يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } [عبس: 40] غبار وكدورة ناشئة من أكدار الكفر والكفران، وأنواع الآثام والعصيان.

مظلمة إلى حيث { تَرْهَقُهَا } وتغشيها { قَتَرَةٌ } [عبس: 41] مذلة وصغار، وذلة وخسارة.

وبالجملة: { أُوْلَـٰئِكَ } البعداء عن ساحة عز القبول، المكدرون بكدورات الكفر والشرك، وأنواع الفسوق والفجور { هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ } [عبس: 42] الخارجون عن مقتضى الحدود الإلهية، ونور المعرفة والإيمان بمتابعة القوى البهيمية من الشهوية والغضبية؛ إذ كلتاهما مناظ عموم الشرور والخسران.

السابقالتالي
2