الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

ثمَّ قال سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } وأيقنوا بتوحيد الله ووجوب وجوده { وَهَاجَرُواْ } على بقعة الإمكان طالبين الترقي إلى المراتب العلية { وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ } منفقين لها؛ ليتجردوا عنها ويتطهروا نفوسهم عن الميل والمحبة إليها { وَأَنْفُسِهِمْ } ممسكين لها عن مقتضياتها ومشتهياتها، باذلين { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ليتحققوا بمرتبة الفناء فيه، ليفوزوا ببقائه.

{ وَٱلَّذِينَ } تحققوا بمرتبة التوحيد وتمكنوا فيها { ءَاوَواْ } أي: مكنوا ووطنوا من يرجع إليهم، ويسترشد منهم من أهل الطلب والإرادة { وَّ } بعد تمكينهم وتوطينهم { نَصَرُوۤاْ } وأعانوا بالتنبيهات اللائقة إمداداً لهم، وبالواردات الغيبية والإلهامات القلبية والمكاشفات العينية { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء المقبولون عند الله، الوالهون في بيداء ألوهيته { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } يتناصرون ويتعانون إلى أن يرتفع تعددهم وتضمحل كثرتهم، وسقط الافتراق والاجتماع عنهم، وانقطع السلوط والطلب، وفني السالك والسلوك و المسلك، وبقي ما بقيى، لا إله إلا هو لا شيء سواه، وكل شيء هالك إلا وجهه.

{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله { وَلَمْ يُهَاجِرُواْ } إلى الفناء فيه { مَا لَكُمْ } أيها الواصلون { مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ } ويتشمروا السلوك مسلك الفناء { وَ } بعدما دخلوا باب الطلب { إِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ } و استعانوا منكم { فِي ٱلدِّينِ } أي: في سلوك طريق التفويض والانقياد { فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ } أي: لزم عليكم أن تنصروهم وتعينوا عليهم؛ ليغلبوا على جنود القوى البهيمية، والشياطين الشهوية والغضبية { إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ } من جنود النفس اللوامة المطلعة لغوائل الأمارة الخبيثة ووخمسة عاقبتها { وَٱللَّهُ } المطلع لجميع حالاتكم { بِمَا تَعْمَلُونَ } من النصر والإعاة { بَصِيرٌ } [الأنفال: 72] يجازيكم على مقتضى بصارته وخبرته.