الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ } * { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ }

ثمَّ قال سبحانه على سبيل التهكم للكافرين الذين كانوا إذا أقبل عليهم المؤمنون للقتال يطوفون حول الكعبة مشبثين بأستارها متضرعين مستفتخحين من الله، قائلين: اللهمَّ انصر أعلت الجندين وأهدى الفئتين، وأكرم الحزبين { إِن تَسْتَفْتِحُواْ } أيها ا لهالكون في تيه الضلال؛ لمقاتلة نبينا ومن تبعه من المؤمنين { فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ } بقتلكم وسبيكم؛ أي: غلبة المؤمنين عليكم { وَإِن تَنتَهُواْ } عن مقاتلتهم ومعاداتهم، وعن الاستفتاح لها، بل آمنوا كما آمن هؤلاء لنبينا عن ظهر القلب { فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } في أولاكم وأخراكم { وَإِن } صالحوا معهم وآمنوا نفاقاً، ثمَّ ارتدوا، بأن { تَعُودُواْ } إلى مقاتلتهم ومعاداتهم { نَعُدْ } إلى نصرهم وتأييدهم إلى أن يستأصلوكم ويخرجوكم من دياركم.

{ وَ } لا تغتر بكثرة عددكم وعددكم؛ إذ { لَن تُغْنِيَ } وترفع { عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ } التي تستظهرون بها { شَيْئاً } من غلبة المؤمنين وظفهرم { وَلَوْ كَثُرَتْ } فئتكم { وَ } كيف تغني فئتكم شيئاً منهم { أَنَّ ٱللَّهَ } القادر المقتدر بالقدرة الكاملة { مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الأنفال: 19] المجاهدين في سبيله؛ لإعلاء كلمة توحيده، ونصر دينه ونبيه ينصرهم ويعين عليهم.

ثمَّ قال سبحانه منادياً للمؤمنين توصيةً: وتذكروا { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } مقتضى إيمانكم { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } إطاعة الله { وَ } إطاعة { رَسُولَهُ } المبلغ لكم أحكام الحق وشعائر دينه وتوحيده { وَ } عليكم أن { لاَ تَوَلَّوْا } أي: لا تتولوا معرضين { عَنْهُ } عن رسوله حتى لا تنحطوا عن رتبة الخلافة، وكيف لا تطيعون رسوله { وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ } [الأنفال: 20] كلمة الحق منه سمعاً وطاعةً؟!.

{ وَلاَ تَكُونُواْ } في عدم الإطاعة والانقياد له { كَالَّذِينَ قَالُوا } كفراً ونفاقاً: { سَمِعْنَا } ما تلوت علينا { وَهُمْ } من غاية بغضهم ونفاقهم { لاَ يَسْمَعُونَ } [الأنفال: 21] سمع إطاعة وتسليم، فكأنهم لم يسمعوا أصلاً، بل لا يتأتى منهم السماع لانحطاطهم عن رتبة العقلاء، ولحقوا بالبهائم في عدم الفطنة، بل أسوأ حالاً منها.

{ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ } عن استماع كلمة الحق عن ألسنة الرسل والإطاعة بها { ٱلْبُكْمُ } عن التكلم بها بعدما فهموه، ولاحت عندهم حقيقتها، وبالجملة: هؤلاء هم { ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } [الأنفال: 22] أي: ليسوا من زمرة العقلاء وإن ظهروا على صورتهم وشكلهم. { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ } أي: من استعداد هؤلاء السفهاء المنحطين عن مرتبة العقلاء { خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ } كلمة الحق سمعَ طاعة { وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ } مع أنهم ليسوا مستعدين له { لَتَوَلَّواْ } وانصرفوا؛ من خبث طينتهم عنها { وَّهُمْ } في أصل فطرتهم { مُّعْرِضُونَ } [الأنفال: 23] مجبولون على الأعراض، ولا يرجى منهم الإطاعة أصلاً.