الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً } * { وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً } * { وَأَنَّا لاَ نَدْرِيۤ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } * { وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } * { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعْجِزَ ٱللَّهَ فِي ٱلأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً } * { وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا ٱلْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً }

{ وَأَنَّا } كنا قبل نزول القرآن { لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ } أي: طلبنا البلوغ إليها، والصعود نحوها؛ لنسترق من أخبار الملائكة، ونخبر بها الكهنة، ونوقع الفتنة في العالم السفلي { فَوَجَدْنَاهَا } أي: السماء اليوم { مُلِئَتْ } وامتلأت { حَرَساً } أي: حراساً حافظين { شَدِيداً } أقوياء على الحفظ والحراسة { وَشُهُباً } [الجن: 8] جمع شهاب، وهو المضيء المتراكم من النار، نرجم بها ونطرد من حواليها.

{ وَ } بالجملة: { أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا } أي: من السماء { مَقَاعِدَ } صالحة { لِلسَّمْعِ } والاستماع { فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلآنَ } بعد نزول القرآن في تلك المقاعد { يَجِدْ لَهُ } وعنده { شِهَاباً رَّصَداً } [الجن: 9] راصداً قاصداً له، يرجمه ويمنعه من الاستماع.

{ وَأَنَّا } اليوم { لاَ نَدْرِيۤ } ونعلم { أَشَرٌّ } وفتنة { أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلأَرْضِ } أي: بالساكنين عليها بحراسة السماء، ومنع أخبارها عنهم { أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } [الجن: 10] يهديهم إلى التوكل والتسليم، وكمال تفويض أمورهم إلى العليم الحكيم، بحيث لا يحترزون عمَّا جرى عليهم من قضائه بأخبار السماويين؟.

{ وَأَنَّا } أي: نحن المخبورون { مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ } الأبرار المؤمنون، الآمنون الأمينون لا يختلط بالأخبار المسموعة من الأكاذيب { وَمِنَّا } قوم { دُونَ ذَلِكَ } لا أمانة لهم حتى يؤدوا الأخبار على وجهها، بل يوقعون الفتن والمحن بين الناس؛ إذ { كُنَّا طَرَآئِقَ } أي: طرائق ومذاهب { قِدَداً } [الجن: 11] مفترقة مختلفة؛ لذلك منعنا بأجمعنا عن استراق الأخبار السماوية، وانحصر الأمر بالوحي الإلهي؛ حتى لا يختل أمر النظام الموضوع على القسط والعدالة الإلهية.

{ وَأَنَّا } بعدما كوشفنا بهداية القرآن، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم تركنا ما كنا علين من الضرر والإضرار لعباد الله؛ إذ { ظَنَنَّآ } بل علمنا يقيناً { أَن لَّن نُّعْجِزَ ٱللَّهَ } القادر المقتدر على أنواع الانتقام كائنين { فِي ٱلأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ } أيضاً { هَرَباً } [الجن: 12] منه سبحانه إلى السماء، أو إلى أيّ مكان شئنا.

{ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا ٱلْهُدَىٰ } أي: القرآن الموضح لطريق التوحيد { آمَنَّا بِهِ } واهتدينا بهدايته { فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ } ويوقن بوحدانيته { فَلاَ يَخَافُ } أي: فهو لا يخاف { بَخْساً } نقصاً في الجزاء والثواب { وَلاَ رَهَقاً } [الجن: 13] ذلة تذله في الدارين؛ لأن من آمن اعتدل، ولم يبخص حق أحد، ولم يذله بظلم، فكذلك لا يبخص ولا يظلم.