الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } * { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } * { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } * { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } * { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } * { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } * { وَنَرَاهُ قَرِيباً } * { يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } * { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } * { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } * { يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } * { وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ } * { وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } * { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ } * { كَلاَّ إِنَّهَا لَظَىٰ } * { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ } * { تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ } * { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ }

{ سَأَلَ سَآئِلٌ } أي: جرى على سبيل السيل والطغيان وادي الإمكان مملوءاً { بِعَذَابٍ } أي: أنواع من العذاب { وَاقِعٍ } [المعارج: 1].

{ لِّلْكَافِرِينَ } الساترين بطبائعهم الكثيفة، وهوياتهم الباطلة السخيفة شمس الحق الظاهرة في الأنفس والآفاق بمقتضى الاستحقاق إلى حيث { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } [المعارج: 2] يرده ويدفعه عنهم.

{ مِّنَ ٱللَّهِ } أي: من قبله وجتهه؛ لتعلق مشيئته ومضاء قضائه المبرم على وقوعه لأعدائه، مع أنه سبحانه { ذِي ٱلْمَعَارِجِ } [المعارج: 3] والدرجات العليَّة، والمقامات السنيَّة من القرب والكرامات لأوليائه.

{ تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } أي: حوامل آثار الأسماء والصفات الإلهية من مجردات العالم السفلي { وَٱلرُّوحُ } الفائض من لدنه سبحانه على هياكل الهويات من ماديات عالم الطبيعة، والأركان القابلة لآثار العلويات من الأسماء والصفات المسمَّاة بالأعيان الثابتة { إِلَيْهِ } أي: إلى الذات البحث الخالص عن مطلق القيود والإضافات بعدما جذبه الحق، وأدركته العناية الإلهية مترقياً من درجة إلى درجة { فِي يَوْمٍ } وشأن لا كأيام الدنيا وشئونها، وإن قسته إلى أيام الدنيا، وأضفتشه إلى المسافة الدنيَّة الدنيوية { كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } [المعارج: 4] من سَني الدنيا، إلاَّ أنهم يقطعونها بعد ورود الجذبة الإلهية، كالبرق الخاطف في أقصر من لمحة وطرفة.

وبعدما انكشف لك الأمر { فَٱصْبِرْ } يا أكمل الرسل على أذيات الأعداء واستهزائهم { صَبْراً جَمِيلاً } [المعارج: 5] لا يشوبه قلق واضطراب، وضجرة وسآمة، واستعجال للانتقام، وترقب بالعذاب على وجه التهتك، فإنه سيصيب لهم العذاب الموعود عن قريب.

{ إِنَّهُمْ } بمقتضى إنكارهم وإصرارهم { يَرَوْنَهُ } أي: نزول العذاب { بَعِيداً } [المعارج: 6] في غاية البعد إلى حيث يعتقدونه محالاً خارجاً عن حد الإمكان.

{ وَنَرَاهُ قَرِيباً } [المعارج: 7] من لمح البصر، بل هو أقرب منهم.

اذكر لهم يا أكمل الرسل كيف يعملون { يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ } من القهر الإلهي { كَٱلْمُهْلِ } [المعارج: 8] أي: كالفضة المذابة، يسيل من مكانها من غاية الخشية الإلهية.

وتكون الجبال الملونة بالألوان المختلفة بعدما شمله النظر القهري الإلهي { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } [المعارج: 9] أي: كالصوف المصبوغ المندوف تذروه الرياح حيث شاءت.

{ وَ } حينئذٍ { لاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } [المعارج: 10] أي: لا يسأل قريب عن قريبه، وصديق عن صديقه، بل يومئذيَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [عبس: 34-35].

وبالجملة: لا يلتفت أحد إلى أحد من شدة هوله وشغله بحاله إلى حيث { يُبَصَّرُونَهُمْ } وينبهون عليهم من حال أقاربهم؛ ليرقوا لهم، وهم لا يتلفتون إليهم ولا يرقون لهم، بل { يَوَدُّ } ويحب { ٱلْمُجْرِمُ } حينئذٍ متمنياً { لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } [المعارج: 11] الذين هم أحب وأعز عليه من نفسه في دار الدنيا.

{ وَ } كيف لا يود أن يفتدي بأحب الناس إليه بعد بنيه { صَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ } [المعارج: 12]؟!

{ وَفَصِيلَتِهِ } أقاربه وعشائره { ٱلَّتِي } تؤؤيه؛ أي: تضمه إلى نفسه وقت حلول الشدائد ونزول الملمات، بل { تُؤْوِيهِ } [المعارج: 13].

السابقالتالي
2