الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ }

ثم أشار سبحانه إلى تفاوت الاستعدادات واختلاف القالبليات بتفصيل الأمم الهالكة بموت العناد والجهل لخبث طينتهم، فقال مقسماً: والله { لَقَدْ أَرْسَلْنَا } رسولنا { نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ } بعدما انصروا وانحرفو عن طريق الحق بالميل إلى الأهواء الباطلة والآراء الفاسدة { فَقَالَ } لهم نوح إمحاضاً للنصح على وجه الشفقة: { يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ } أيها المنهمكون في الغفلة { ٱللَّهَ } المتوحد في الألوهية، المتفرد في الربوبية، المستحق للعبودية، واعلموا أنه { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ } معبود بحق { غَيْرُهُ } يقذكم من عذابه، وإن لم تعبدوه وتوحدوه { إِنِّيۤ } بعدما أوحي إليَّ من عنده إهداءكم وتنبيهكم إلى توحيده { أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الأعراف: 59] هو يوم الطوفان في النشأة الأولى ويوم القيامة في النشأة الأخرى.

وبعدما سمعوا مقالته { قَالَ ٱلْمَلأُ } الأشراف { مِن قَوْمِهِ }: يا نوح { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [الأعراف: 60] ظاهر لائح، تأمرنا بترك عبادة الآلهة المحققة وتدعوناإلى إله واحد موهوم وأبدعته من عند نفسك.

{ قَالَ } أيضاً على مقتضى شفقة النبوة لعلهم يتنبهوا: { يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ } كما تخليتم من جهلكم { وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ } هادٍ لكم مرسل { مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [الأعراف: 61] الذي أوجدكم ورباكم بأنواع التربية؛ حتى تعترفوا بربوبيته وتقروا بتوحيده.

وإنما جئت لكم { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ } بآياته سبحانه؛ حتى تفوزوا من عنده بالمثوبة العظمى والمرتبة العليا بإهدائي وإرشادي { وَ } لا تضعفوني ولا تنسبوني إلى الجهل والسفه، إني { أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ } بتوفيقه وحيه وجذب من جانبه { مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [الأعراف: 62].

{ أَوَ عَجِبْتُمْ } من { أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ } موعظة وتذكير لإرشادكم { مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ } لسان { رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ } به عن الكفر والمعاصي ووخامة عاقبتهما { وَلِتَتَّقُواْ } عن محارم الله بسبب إنذاره وتخويفه { وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [الأعراف: 63] بإثبات مأموراته وترك منهياته؛ عناية وتفضلاً.

{ فَكَذَّبُوهُ } بعدما ضعفوه ونسبوه إلى الضلال، فانتقمنا منهم وأخذناهم بالطوفان { فَأَنجَيْنَاهُ وَ } المؤمنين { ٱلَّذِينَ مَعَهُ } حال كونهم متمكنين { فِي ٱلْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ } المنزلة على رسولنا { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ } [الأعراف: 64] غير مستبصرين بآيات الله الدالة على توحيده؛ لعمي قلوبهم وفسادهم وعمههم في الغفلة الضلال.