الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ }

{ وَ } كيف لا يكون رحمته قريبة من المؤمنين المحسنين { هُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ } أي: يثيرها { بُشْراً } مبشرات { بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } قدام روحه ورحمته { حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ } حملت وأثقلت وجمعت من البخارات المتراكمة { سَحَاباً } غليظاً { ثِقَالاً } بالأجزاء المائية { سُقْنَاهُ } من غاية لطفنا { لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } يابس لأجل إحيائه ونضارته { فَأَنْزَلْنَا بِهِ } أي: بالبلد الميت { ٱلْمَآءَ } المحيي { فَأَخْرَجْنَا بِهِ } أي: بالماء { مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } أي: أنواعها وأجناسها المختلفة بالألوان والطعوم { كَذٰلِكَ } أي: مثل إخراجنا بالماء الصوري أنواع الثمرات من البلد الميت، نخرج بالماء المعنوي الذي هو العلم اللدني من أراضي القابليات واستعدادات الموتى المحجوبين بالحجاب الظلماني والجهل الجبلي الهيولاني، بإرسال رياح أنفاس الأنبياء والأولياء المستنشقة من النفس الرحماني، مبشرات بالكشوف والمشاهدات حتى إذا اجتمعت صارت سحاباً شرعياً ثقيلاً بمياه الحكمة والتقوى، سقناه من غاية جودنا إلى بلاد النفوس الميتة اليابسة، فأجرينا فيها أنهار المعارف والحقائق المنتشئة من قلوب الأنبياء والأولياء، فأخرجنا به ثمرات اليقين العلمي والعيني والحقي { نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ } في النشأة الأخرى { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [الأعراف: 57] فتعرفون قدرتنا على جميع مقدوراتنا ومراداتنا.

{ وَ } بعد سوقنا مياه جودنا إلى أموات { ٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ } الذي هو نجيب المنبت، لطيف الطينة، قابل التربية { يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ } أي: بتوفيقه سبحانه وتربيته جيداً نافعاً كثيراً على مقتضى استعداده الفطري { وَ } البلد { ٱلَّذِي خَبُثَ } طينته وقل قابليته كالحرة والسبخة { لاَ يَخْرُجُ } نباته بد إجراء المياه اللطيفة عليه { إِلاَّ نَكِداً } قليلاً غير نافع، بل ضار كالنفوس المنهمكة في الغفلة والضلال إلى حيث لا يؤثر فيها مياه الحكم والمعارف الجارية على ألسنة الرسل؛ لخباثة طينتها وقلة قابليتها { كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ } نردد ونكرر { ٱلآيَاتِ } الدالة على استقلالنا في ملكنا وملكوتنا { لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ } [الأعراف: 58] نعمتنا ويتفكرون في آلائنا، ويعتبرون بها إلى أن يستغرقوا في مطالعة جمالنا.