الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } * { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } * { وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ ٱجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يِوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـٰذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

ثمَّ قال سبحانه تذكيراً لنبيه وعظة: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } من عبادنا كانوا { إِذَا مَسَّهُمْ } واستولى عليهم { طَائِفٌ } خاطر يطوف حول قلوبهم { مِّنَ } قبل { ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ } ما أمروا به ونُهوا عنه من عند الله { فَإِذَا هُم } بتذكير المأمور والمنهي { مُّبْصِرُونَ } [الأعراف: 201] مميزنون مواقع الخطأ فيحترزون منها، ويتعوذون إلى الله عمَّا يغريهم إليه.

{ وَ } الذين لم يتقوا، بل هم { إِخْوَانُهُمْ } أي: إخوان الشياطين، إذا مسهم ما مسهم لا يتأتى بهم التذكر ولم يوفقوا عليه، بل { يَمُدُّونَهُمْ } أي: الشياطين بالتزيين والتحسين، والوسوسة والإغواء إلى أن يوقعوا بهم { فِي ٱلْغَيِّ } والضلا ل { ثُمَّ } بعد الإيقاع فيه { لاَ يُقْصِرُونَ } [الأعراف: 202] بلا يبالغون في إغوائهم وإغرائهم إلى حيث يردونهم بحال لا يرجى لهم الفلاح أصلا.

و { وَ } من غاية انهماكهم في الغي والضلال، ونهاية غراقتهم فيه { إِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ } يا أكمل الرسل { بِآيَةٍ } اقترحوها منك، عناداً { قَالُواْ } على سبيل التهكم والاستهزاء: { لَوْلاَ ٱجْتَبَيْتَهَا } أي: هل انتخبتها من الأقوال وأنشأئها كسائر منشآتك، أعجزت فيها؟ فإن أعجزت لِمَ لَمْ تطلبها من ربك على مقتضى دعوانك، كما طلبت غيرها منه؟

{ قُلْ } في جوابهم: ما أنا مختلق، بل رسول مبلغ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يِوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي { } الذي هو مرسلي ومبلغي، ما لي صنع في نظمه وتأليفه، وبلاغته وفصاحته وإعجازه، بل { هَـٰذَا } أي: القرآن وما فيه من الرموز والإشارات { بَصَآئِرُ } للمستبصرين المستكشفين بمقتضى الودائع الفطرية التي أودعها الله في قلوب عباده، ومتى انكشفتهم بودائعكم علمتم أنها { مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى } يوصلكم إلى ما جبلتم لأجله، وهو التوحيد والعرفان { وَرَحْمَةً } نازلة لكم من الله يوفظكم عن نومه الغفلة والنسيان، كل ذلك { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [الأعراف: 203] أي: يتحققون بمرتبة اليقين العلمي، ويطلبون الترقي منها إلى العين والحق.

حققنا بلطفك بحقيتك، وخلصنا من هويتنا الباطلة بفضلك وجودك يا أرحم الراحمين.