الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ويَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } * { وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } * { فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ }

{ وَ } بعدما طرد سبحانه إبليس حين امتنع عن السجود قال لآدم اختباراً وابتلاء وتوصية لحفظ مرتبته: { يَآءَادَمُ } المكرم المسجود { ٱسْكُنْ أَنتَ } بمتابعة عقلك الموهوب لك من العقل الكلي { وَزَوْجُكَ } بمتابعة نفسها الفائظة عليها من النفس الكلية { ٱلْجَنَّةَ } التي هي مقر أهل التوحيد، ومنزل أهل الولاء والتجريد من أرباب الوصول الفائزين بشرف القبول { فَكُلاَ } منها، واحظاظا من لذاتها الروحانية من حقائقها ومعارفها وشهوداتها وكشوفاتها رغداً { مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } التي هي من أغذية نفوسكم وأهوية هوياتكم { فَتَكُونَا } بتقربها وتناولها { مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [الأعراف: 19] الخارجين عن مقتضى أمرنا وحكمنا المستحقين لطردنا ومقتنا.

{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } أي: أوقعهما في الدغدغة بأمر الشجرة، وإن كان وسوسة أيضاً عن مقتضيات الحكمة المتقنة الإلهية، بعدما وصاهما الحق سبحانه ونهاهما عنه، وليس غرضه إلا نزع لباس الصيانة والتقوى عنهما { لِيُبْدِيَ } أي: يظهر { لَهُمَا مَا وُورِيَ } أي: غطي وسرت { عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا } التي هي مقتضيات بشريتهما وهويتهما الباطلة { وَ } بعدما أشربهما الوسوسة { قَالَ } على وجه الشفقة والنصيحة وإرادة الخير: { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ } المباركة المزكية عنكم لوث بشريتكم { إِلاَّ } كراهة { أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ } بتناولهما { أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } [الأعراف: 20] فيها.

{ وَ } بعدما نصحهما وأشفقهما وسمعا منه ما سمعا { قَاسَمَهُمَآ } أي: بادر إلى القسم تأكيداً وترويجاً لقوله إياهما قائلاً: { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } [الأعراف: 21] المشفقين المريدين خيركما.

{ فَدَلاَّهُمَا } أي: أسقطهما عن معالي العز إلى مهاوي الذل { بِغُرُورٍ } غرهما به على وجه الانتقام { فَلَمَّا } سمعا قوله وقبلا غروره { ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ } مطمعين على ما أغراهما إليه من الشرف والخلود، وبعدما ذاقا منها { بَدَتْ } ظهرت { لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا } عوراتهما؛ إذ نزع عنهما لباس التقوى وثياب العصمة { وَ } بعدما نزع لباسهما ظهر سواءتهما { طَفِقَا } أخذا { يَخْصِفَانِ } يلصقان ويلزقان { عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ } أشجار { ٱلْجَنَّةِ } قيل: هي التينة، وقيل: الكرمة { وَ } بعدما ما بدا منهما ما بدا { أَلَمْ أَنْهَكُمَا } موبخاً مقرعاً: { نَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ } أيها المعتديان المسرفان { عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } [الأعراف: 22] ظاهر العداوة، فلم تسمعا قوله، وتتبعا أمره؟ فلما سمعا من ربهما ما سمعا.