{ يَسْأَلُونَكَ } يا أ:مل الرسل { عَنِ ٱلسَّاعَةِ } التي تخوفهم منها ومن شدة أهوالها وأفزاعها: { أَيَّانَ مُرْسَٰهَا } أي: في أي آن من الآنات وزمان من الأزمنة قيامها ووقوعها حتى نؤمن لها قبل قيامها؟ { قُلْ } يا أكمل الرسل في جوابهم: { إِنَّمَا عِلْمُهَا } أي: علم قيامها { عِنْدَ رَبِّي } مما استأثر بها سبحانه لا يطلع عليها أحد؛ بحيث { لاَ يُجَلِّيهَا } أي: لا يظهرها ولا يكشف أمرها { لِوَقْتِهَآ } الذي عيّن { إِلاَّ هُوَ } إذ هو من الغيوب الخمسة التي خصصها سبحانه لنفسه في قوله:{ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ... } [لقمان: 34] وإنما أخفاها وأبْهَم وقتها، ولم يطلع أحداً عليها؛ لأن الحكمة تقتضي ذلك؛ لأن سبحانه لو أظهر أمرها على عباده { ثَقُلَتْ } عظُمت وشقت أمرها، واشتدت هولها { فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } على أهلها وساكنيها من الملائكة { وَٱلأَرْضِ } عن من أسكنها وعاش عليها من الثقلينز ولذلك { لاَ تَأْتِيكُمْ } الساعة عند إتيانها { إِلاَّ بَغْتَةً } فجأة وعلى غفلة بحيث لا يسع ترك ما كنتم فيه من الأمور، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الساعة تهيج ب النال، والرجل يصلح حوضه، والرجل يسقي ماشيته، والرجل يقوم سلعته في سوقه، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه " ، وإنما { يَسْأَلُونَكَ } عن الساعة وقيامها لظنهم فيك؛ لنجابة طينتك { كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا } خبير لوقتها، عليم بشانها، مذكر لها دائماً، مفتش عن أحوالها وأهوالها مستمراً { قُلْ } لهم: { إِنَّمَا عِلْمُهَا } وقت ظهورها { عِندَ ٱللَّهِ } وفي خزانة قدره ولوح قضائه، وعالم سمائه وغيب ذاته { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [الأعراف: 187] أنه سبحانه مختص بها، لا يُطلع أحداً عليها. { قُل } يا أكمل الرسل لمن ظن بك أنك حفي عليم بسرائر الأمور ومخفياتها، خبير بحقائق الموجودات وماهياته؛ اعترافاً بالعبودية وسلباً للاختيار عن نفسك: { لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً } أي: جلب نفع { وَلاَ ضَرّاً } أي: دفع ضر { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } إيصاله إليَّ من النفع والضر، ولا أعلم الغيب إلا ما أوحى الله إليَّ { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } يعني: لو تعلق علمي بعواقب أموري { لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَ } صرت إلى حيث { مَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ } أصلاً { إِنْ أَنَاْ } أي: بل ما أنا { إِلاَّ نَذِيرٌ } أنذر بإذن ربي وعلى مقتضى وحيه إياي { وَبَشِيرٌ } أيضاً أبشر على مقتضى الوحي { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [الأعراف: 188] بوحي الله وإلهامه.