الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ } * { وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ }

ثمَّ قال سبحانه: { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا } أوجدنا وأظهرنا { لِجَهَنَّمَ } البعد والخذلان ونيران الإمكان والحرمان { كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } مع أن { لَهُمْ قُلُوبٌ } هي مناط التكاليف ومحال الإيمان والإيقان، وهم { لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا } ليحصل لهم مرتبة اليقين العلمي واللدني { وَلَهُمْ } أيضاً { أَعْيُنٌ } هي سبب مشاهدة الآثار والاستدلال منها على الأوصاف الموجدة لها، المرتبة على الذات الإلهي، وهم { لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا } ليحصل لهم مرتبة اليقين العيني.

{ وَلَهُمْ } أيضاً { آذَانٌ } وهي آلات السماع كلمة الحق ووسائق إلى اكتساب الفاضائل المنبهة على ما في نفوسهم من الأسرار المكنونة الإلهية، وهم { لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ } ليحصل لهم الترقي إلى مرتبة اليقين العيني إلى اليقين الحقي، وبالجملة: { أُوْلَـٰئِكَ } الحمقاء الجهلاء، المتصفون بأوصاف العقلاء، العرفاء { كَٱلأَنْعَامِ } في عدم الشعور والتنبه { بَلْ هُمْ } بسبب تضييع استعدادهم { أَضَلُّ } من الأنعام بمراتب، وبالجملة: { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ } [الأعراف: 179] المقصرون على الغفلة المؤبدة، المتناهون فيها أقصى الغاية.

{ وَ } اعلموا أيها الفضلاء العرفاء، الموحدون أن { للَّهِ } المتوحد المتفرد في ذاته { ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } التي تترتب عليها الصفات العليا، المترتبة عليها الآثار الحادثة في عالم الكون والفساد، والشهادة والغيب، والنشأة الأولى والأخرى { فَٱدْعُوهُ } سبحانه أيها الموحدون { بِهَا } وأسندوا الحوادث الكائنة إليها أولاً وبالذات { وَذَرُواْ } أي: دعوا واتركوا أقوال { ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ } يميلون ويشركون { فِيۤ أَسْمَآئِهِ } بنسبة الحوادث إلى الأسباب أولاً وباللذات، واهجروا مذاهبهم، واعتزلوا عنه وعن مجالستهم، واعلموا أن كل أحد { سَيُجْزَوْنَ } على مقتضى { مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [الأعراف: 180] إن خيراً فخير وإن شراً فشر.

ثمَّ قال سبحانه كلاماً كلياً، جملياً شاملاً على جميع الملل والأديان، فقال: { وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ } أظهرناهم على صورتنا { أُمَّةٌ } مستخلفة عناهم { يَهْدُونَ } الناس إلينا، ملتبسين { بِٱلْحَقِّ } المطابق للواقع { وَبِهِ } أي: بالحق لا بغيره؛ إذ لا غير { يَعْدِلُونَ } [الأعراف: 181] يقسطون وينصفون في الأحكام.

{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا } الدالة على توحيدنا، المنزلة على رسلنا { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ } سنستضلهم ونستزلهم قليلاً قليلا إلى أن نهلكهم بالمرة، وندخلهم في جنهم البعد وسعير الإمكان { مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } [الأعراف: 182] ولا يفهمون كيف وقعوا فيها.