الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } * { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { قَالَ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـٰهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ }

ثم أشار إلى قبح صنيع بني إسرائيل وخبث طينتهم وجهلهم المركون في جبلتهم وسخافة طبعهم، وركاكة فطنتهم؛ تسية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتذكيراً للمؤمنين ليحترزوا عن أمثال ما أتوا به، فقال: { وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } أي: عبرناهم سالمين غانمين { ٱلْبَحْرَ } الذي أهل عدوهم { فَأَتَوْاْ } أي: مروا في طريقهم { عَلَىٰ قَوْمٍ } من بقية العمالقة { يَعْكُفُونَ } يعبدون ويقيمون { عَلَىٰ أَصْنَامٍ } تماثيل كانت معبودات { لَّهُمْ } من دون الله.

{ قَالُواْ } من قسوة قلوبهم وضعف يقينهم بالله المنزه عن الأشياء والأمثال { يٰمُوسَىٰ } المبعوث المرسل إلينا من الله الواحد الأحد { ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً } مثالاً واحداً مشابهاً لله نبعده ونتقرب نحوه { كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } يعبدونها ويتقربون نحوها، ونحن كيف نعبد نتقرب إلى إله موهوم لا نراه ولا نشاهده؟ وكيف نتضرع إليه ونتوجه نحوه ونستحي منه ونخاف عنه؟ ثم لما تفرس منهم موسى ما تفرس من الحجاب الكثيف والغشاوة الغليظة { قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } [الأعراف: 138] تستمرون على جهلكم الجبلي، لم يؤثر فيكم الآيات الكبرى والبراهين العظمى، ولم تتفطنوا بالتوحيد الذاتي مع وضوحه في ذاته سيما بعد الإيضاح بالآيات الظاهرة والمعجزات الباهرة.

{ إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ } العاكفين الضالين { مُتَبَّرٌ } مهلك معدوم { مَّا هُمْ فِيهِ } من عبادة التماثيل الباطلة العاطلة الهالكة في أنفسها، لا وجود لها أصلاً { وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [الأعراف: 139] لها ولأجلها من الأطاعة والانقياد؛ إذ هو إشراك بالله الواجب الوجود، المستقل بالألوهية ما لا وجود له أصلاً.

ثم: { قَالَ } موسى متأسفاً مقرعاً: { أَغَيْرَ ٱللَّهِ } الواحد الأحد الصمد، الذي ليس كمثله شيء أصلاً { أَبْغِيكُمْ } وأطلب لكم أيها الحمقى العمي، الضالون في تيه الغفلة { إِلَـٰهاً } من مصنوعاته يعبد له بالحق ويتقرب إليه { وَ } الحال إنه { هُوَ } سبحانه { فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } [الأعراف: 140] إذ لا مظهر له أكمل منكم، فكيف تعبدون المفضول المرذول، وما عرض عليكم أيها الجاهلون لم تعرفوا مرتبتكم الجامعة الكاملة، وعليكم أن تعدوا نعم الله التي أنعمها عليكم لعلكم تنبهون على توحيد المنعم.