{ وَ } كانوا { لَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرِّجْزُ } أي: حين وقع ونزل عليهم البلاء والمصيبة { قَالُواْ } متضرعين متفزعين: { يٰمُوسَىٰ } الداعي للخلق إلى الحق { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } الذي رباك بأنواع الكرامات { بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } من إجابة دعواتك وقبول حاجاتك، و الله { لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ } بدعائك { لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ } مصدقين رسالتك ونبوتك { وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } [الأعراف: 134] بلا ممانعة ولا مماطلة.
{ فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلرِّجْزَ } بدعائه { إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ } عينوه لأيمانهم وإرسالهم حتى يتأملوا ويتفكروا فيها { إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } [الأعراف: 135] أي: بعدما وصل وقت الوفاء والإيفاء بالعهود والمواثيق، بادروا إلى النقض والنكث.
ثم لما بالغوا في أمر النقض والنكث وخالفوا أمرنا وكذبوا نبينا { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } أي: أردنا انتقامهم وأخذهم { فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ } أي: البحر العميق لانهماكهم في بحر الغفلة والطغيان { بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } الدالة الموصلة إلى توحيدنا الذاتي { وَكَانُواْ } بسبب استغراقهم في بحر الغفلة والضلا { عَنْهَا غَافِلِينَ } [الأعراف: 136] محجوبين لا يهتدون بأهداء الرسل والإنبياء.
{ وَ } بعدما أغرقناهم في يك العدم واستأصلناهم عن فضاء الوجود { أَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } بالقهر والغلبة بقتل الأبناء واستحياء النساء { مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ } المعهود أي: مصر ومشارقها الشام ونواحيها { وَمَغَارِبَهَا } الصعيد ونواحيها { ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } أي: كثَّرنا فيهم الخير والبركة وسعة الأرزاق وطيب العيش من جميع الجهات { وَ } بعدما أورثناهم ما أورثناهم { تَمَّتْ } أي: كملت وحقت { كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ } يا موسى بإنجاز الوعد والنصر والظفر وإيراث الديار والأموال، وغر ذلك { عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ } أي: بسبب ما صبروا على أذياتهم المتجاوزرة عن الحد { وَدَمَّرْنَا } أي: هدمنا وخربنا { مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } من الأبنية الرفيعة والقصور المشيدة { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } [الأعراف: 137] عليها متفرقين بطرين كمسرفي زماننا هذا، أحسن الله أحوالهم.